الجزائر - اعتمد المشرّع الجزائري مؤخرا عددا من الإصلاحات التي تهم قانون الأسرة، حيث تم توحيد الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين، وأكد على تمكين المرأة من خلال المساواة مع الرجل. وتناول بالبحث أساتذة جامعيون في يوم دراسي موضوع "وضع المرأة في المنظومة القانونية الوطنية والدولية بين التمكين الاجتماعي والتمثيل السياسي". وأبرزت سناء شيخ، الأستاذة من كلية الحقوق بجامعة تلمسان، أن "قانون الأسرة الجزائري نص على المساواة بين الرجل والمرأة في العديد من مجالات الحياة ووحّد الحقوق والواجبات المشتركة بينهما في ما يخص العلاقة الأسرية". وأضافت شيخ أن "توحيد سن أهلية الزواج بين الرجل والمرأة بتسع عشرة سنة لكليهما واعتماد شرط ترخيص من القاضي بخصوص زواج القصر وأيضا استقلالية الذمة المالية بين الزوجين، حيث أقر من خلال المادة 37 من قانون الأسرة للمرأة الحرية التامة في التصرف في أموالها كما تشاء وأيضا في تحمل ديونها في نفس السياق، وتوحيد الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين، تعد جميعها نقاط قوة تحتسب للمرأة من خلال تعديل قانون الأسرة". ومن جهته أشار الأستاذ مراد بن عودة حسكر، إلى أن المرأة الجزائرية حققت الكثير من المكاسب في ظل الإصلاحات التي شهدتها المنظومة القانونية غير أن "الأمر يبقى بحاجة إلى التحديد الدقيق للمناصب التي تشكل أعمالا شاقة ومرهقة وتمنع المستخدم من توظيف النساء ضمنها، إضافة إلى ضرورة عدم تقييد المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بنسبة قانونية معينة بل ترك الأمر مرتبطا بالجدارة والاستحقاق". وأكدت نسيمة شيخ من كلية الحقوق بالمركز الجامعي بلحاج بوشعيب في عين تموشنت، أن "مبدأ المساواة بين الجنسين يعترضه مفهوم الاختلاف بين الرجل والمرأة حيث أن الممارسات الواقعية لازالت تقيم الفروق بينهما لعدة أسباب". الممارسات الواقعية مازالت تقيم الفروق بين الجنسين غير أن الإصلاحات القانونية حاولت استدراك الأمر وأردفت الجامعية "أن المشرّع الجزائري من خلال الإصلاحات القانونية الجديدة حاول استدراك الأمر عبر وضع آليات لترقية المشاركة السياسية للمرأة في صنع القرار ومساهمتها في مسار التنمية المستدامة”. وأبرزت شيخ “أن سبل تمكين المرأة لا بد أن تكرس المساواة التي تجعل منها عضوا فعالا في المجتمع المحلي والدولي وتحفظ لها مكانتها دون المساس بخصوصياتها كامرأة وكأم في نفس الوقت بمراعاة القيم الحضارية والمواثيق الدولية التي تميز المجتمع الجزائري عن غيره”. وتحاول جهات حكومية ورسمية في الجزائر التركيز على تحسين أوضاع الأسرة والمحافظة على سلامة الروابط بين أفرادها وحمايتها من التفكك بسبب ما بلغته حالات الطلاق والخلع من معدلات عالية تزامنا مع صعود العديد من الظواهر الاجتماعية على غرار التخلي عن كبار السن، وهي من بين المؤشرات التي تعتبرها وزارة التضامن الاجتماعي والأسرة دليلا على التفكك الأسري. ويمكن لإقرار قانون يوحد بين واجبات وحقوق كلا الزوجين ويحدد سن أهلية الزواج للشبان والفتيات ويشترط ترخيصا قضائيا لتزويج القصر، أن يوفر حظا أوفر للعلاقة بين الطرفين في النجاح بالحياة الزوجية، وهو ما تطمح إليه الحكومة والمجتمع كأحد الحلول للحد من قضايا الطلاق والخلع. ويعد اعتماد قانون يكفل استقلالية الزوجة المالية من بين الوسائل القانونية للحد من الخلافات الزوجية في ما يخص أموال الزوجة، كما يضمن حماية أكثر للمرأة من الاستغلال المادي ويشجعها على السعي إلى العمل بالتوازي مع القوانين التي نصت على المساواة بين الجنسين في شتى المجالات. وتندرج التشريعات الجديدة في القانون الجزائري ضمن استراتيجيات حماية الترابط الأسري والمجتمع ودعم بناء الأسرة من جهة واستراتيجيات الحماية الاجتماعية للمرأة بغرض المزيد من ترقيتها ودعمها للوصول إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من جهة ثانية.
مشاركة :