وحده لا يصنع المعجزات

  • 2/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نور المحمود هل يكفي أن تتفاءل لتصير الحياة جميلة، وكل الهموم تتدحرج أمام «نور» الابتسامة؟هل يكفي أن تقول: «الدنيا بألف خير» لتصير فعلاً بألف خير، وكأن الكلمة عصا سحرية؟النور موجود في الإرادة والإشارات التي ترسلها النفس وتُمليها عليك، سحر يطغى أحياناً على الواقع، يُجمّل الصور، يرسم يومك بريشة التفاؤل، يفتح طاقة في أفق كنت تراه مسدوداً بلا أي منفذ، يُحيل «سجنك» الذي تقوقعت داخله طويلاً، إلى صومعة للعبادة والتأمل والدعاء والرجاء. النور موجود، يولد من ذاتك، من رغبتك في الارتفاع إلى ما فوق الغيوم التي تُلبّد سماءك، من شدة امتشاق روحك.. موجود، ولا يبقى أسيرك، يفيض من إشراقة وجهك، من فرح كلماتك، من نور ابتسامتك، ليتسلل إلى كل المحيطين بك حتى العابرين والغاضبين..يخجل من شدة رونقه وسطوعه، حين يعبر أمام محنة تتناقلها الأجيال، كالصخرة فوق الأكتاف في دول الأزمات. ماذا يفعل والصخور صلبة لا تُزيحها ابتسامة ولا عصا ولا بخور؟ ينحني أمام إرادة الأفراد، ويستغرب اتكاء أصحاب القرار عليهم ورهانهم على تفاؤلهم.يحزن في بلاد ينام أهلها على وسائد الأمل كل مساء، يؤجلون الفرح إلى «غد»؛ لأنه سيكون أجمل، يضحكون كي يسمعهم الأسى فيحسبهم من أهل السعادة، يرد يده قبل أن يعيد الطرق بقوة على أبوابهم. وكلما ملأوا أطباقهم من حلل التفاؤل، قابلها مسؤول بمد موائد كلامية شهية كلها عسل وحلاوة. يراهنون على «الأجمل» الآتي فيلاقيهم «المسؤول» بالرهان على إرادتهم الصلبة وصمودهم. فإلى متى يصمد شعاع التفاؤل في البيوت والنفوس؟ وكيف يكون البيت هو سند الدولة وليس العكس؟ من السهل أن تسحر من حولك بابتسامة أو بكلمة؛ إنما حين تكون «مسؤولاً»، عليك أن تسحرهم بقرار وإنجاز كي تصير الكلمة فعلاً، ويصير للابتسامة طعم وللعيش رونق.في العالم دول ترتقي بأهلها، ودول تنتظر ارتقاء أهلها لتتباهى بهم وتخبئ خيباتها خلفها.في العالم دول تصنع للسحر عطراً، تنثره فيعبق حتى الفضاء، ودول تصنع من الخيبات كساء، ومن «سوف» قوتاً، وكالحمامة تنام دافنة رأسها في صدرها، علّ السماء تمطر حلولاً، والغيم وحده يزيح الأعباء والأثقال.التفاؤل زاد لا بد من حمله لتستمر الحياة وتعلو الهمم، لكنه وحده لا يصنع المعجزات للدول، ووحده لا يمحو الأخطاء وتراكمات الزمن. كيف يمكن لمسؤول أن يرى الخيبات في عيون الأطفال والأمهات والآباء، ويزيدهم من الوعود بيتاً؛ بل قصائد وأشعار؟في العالم دول تملك السحر في قرارها، ودول تنتظر السحر علّ القرار يأتيها من «الغيب». noorlmahmoud17@gmail.com

مشاركة :