الشارقة: «الخليج» كانت خصوبة التربة الشغل الشاغل للمزارعين منذ فجر البشرية، وسجلت كتب التاريخ بعضاً من المحاولات التي لجأ إليها المزارعون المصريون، والرومان، والبابليون وغيرهم لزيادة إنتاج محصولهم من الحبوب لتخزينها لأوقات الشدة والجفاف. وقبل أن يعي الإنسان أهمية تغذية النباتات، لاحظ أن روث الحيوانات ورماد الأخشاب يساعد النبات على النمو بشكل أفضل. ويعتبر الصينيون القدماء أول من اهتم بتخمير المواد العضوية مع التراب وإضافتها لأراضيهم الزراعية، وفي مصر القديمة كان الفلاح يضع نصب عينيه المحافظة على خصوبة التربة بعدم إجهادها وإضعافها، ولجأ حينها إلى حيلة ترك بقايا جذور المحاصيل بعد موسم الحصاد لترفع من إنتاجية الموسم المقبل. وسجلت بعض البرديات صوراً لما يعرف ب «الدبال» وهو الفضلات النباتية التي يتعمد الفلاح تركها في التربة لتفيد النباتات الجديدة التي ينوي زراعتها، يضاف إلى ذلك أن طريقة غمر الأرض الزراعية المقسمة إلى أحواض بالماء المحمل بالطمي وتركه لمدة زمنية ما، كان ينتج عنها ترسيب «الغرين» الذي يزيد من خصوبة التربة كل عام. وفي العصور الوسطى، كانت القبائل الجرمانية في أوروبا أول من فطن إلى أهمية السماد الطبيعي لزيادة إنتاجية التربة، وكانت محاولات الكيميائي الألماني جستس فون ليبيج مطلع القرن التاسع عشر، أولى خطوات إنتاج سماد صناعي، وفي العام 1842 حصل على أول براءة اختراع لسماد صناعي كان معداً من روث معالج بالفوسفات وحمض الكبريتيك. ازداد الاهتمام العالمي بتصنيع السماد الصناعي للحصول على أفضل إنتاجية ممكنة من التربة بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، وفقدان الملايين من الهكتارات الزراعية الخصبة في عدة مناطق حول العالم والتي تحولت إلى ساحة للمعارك بين دول المحور والحلفاء. وخلال العقود الماضية تطورت صناعة الأسمدة إلى حد بعيد، وتنوعت بين النيتروجينية، والفوسفورية، والبوتاسية، إضافة إلى الأسمدة العضوية المتعددة والتي يتجاوز الاستهلاك العالمي منها ملايين الأطنان سنوياً، وينتج عنها زيادة تقدر بنحو ربع أو ثلث إنتاج المحصول العالمي، وبدون التسميد كان الفلاحون سيضطرون إلى زراعة مساحات أوسع من الأرض، واستخدام عمالة أكبر لإنتاج نفس الكمية المنتجة اليوم. وعلى الرغم من أهمية الأسمدة الكيميائية المستخدمة حالياً، إلا أن الاستخدام المفرط لها أدى إلى حدوث انعكاسات سلبية وخطيرة في صحة الإنسان والبيئة.
مشاركة :