قابلت إحدى السيدات في ولاية كاليفورنيا، تدعى جوان، وكانت رئيسة قسم التمريض بأحد المستشفيات الكبيرة، وبعد التقاعد اتّجهت لفتح سلسلة من المطاعم، وبدأت رحلة جديدة في حياتها لتحقق رغبة لديها في عالم المطبخ والطبخ. وكنت معجبة بشخصيتها وبنظافة مطبخها، حيث أخذتني برحلة كاملة لأشاهد ما اشترته من أجهزة حديثة ومعدات وتوفير كل ما يلزم لمحالها الخاصة بها، واشتهرت بأنها لا تستخدم الا المواد الطبيعية organic في كل ما تطبخه؛ لذا ترى الناس يتهافتون على مطبخها بغية الاكل الصحي والمفيد للجسم، وفي افتتاح احد مطاعمها بالقرب من احدى المزارع التي لا تستخدم ايا من المواد الكيماوية لإنتاج الثمار. وجهت لي دعوة لحضور الافتتاح، وفكرت في إهدائها كتابا عن الطبخ الشرقي والمترجم بالإنكليزية، وكتبت كلمة الاهداء «من تتقن فن الطبخ.. تتقن فن الحياة»، فطلبت مني شرح تلك الجملة وما اعني بها. فقلت لها من خلال الخبرة الحياتية اكتشفت ان كل سيدة تعتني بالمطبخ وتتفنّن في أصول الطبخ لأسرتها، هي سيدة تدخل البهجة والسعادة لزوجها وابنائها، وعادة ما تكون تلك السيدة مرتبة ونظيفة في بيتها ومن خصالها حسن الاستقبال لضيوفها ومميزة في ديكورات منزلها ودقيقة في تفاصيل حياتها اليومية. وتعتبر من الطراز الاول برعاية مملكتها (المنزل) ومتجددة لا تعرف الرتابة او الروتين بحياتها، بل محبة لكل ما هو جميل ومتطور وتثقف نفسها بنفسها. غالبا هذه الشخصية من النساء تجمع بين قوة الشخصية والعطف على الآخرين، تجمع ولا تفرق في تعاملها مع الاطراف الاخرى. ومقالتي ليست لإجبار المرأة على دخول المطبخ، بل مجرد توضيح لشخصية المرأة المحبة لمملكتها، وبالأخص ركن المطبخ. وللعلم دخول اي سيدة لعالم الطبخ وفنه يعتبر هواية وموهبة توجد لدى بعضهن. وعلى الرغم من انصراف الكثيرات في عصرنا الحالي بالعلم والبحوث او انصرافهن فقط لتربية الابناء وللمجاملات الاجتماعية، ولا ننسى انخراط المرأة في السلك الوظيفي لمساعدة زوجها او اهلها قد اخذها بعيدا عن مملكة وفنون المطبخ في عصرنا الحالي، ولا ننسى ايضا منافسة الرجل للمرأة في هذا المضمار وتفوقه على الكثيرات جعل المرأة تعتمد على المطاعم التي كثيرا ما يكون مذاقها مشابها لأكل البيت تماماً في ما زاد من انصراف الجميع بسبب قلة الوقت والانشغال بــ«الرتم» السريع لحياتنا اليومية. إذا المرأة المثقفة بما يخدم صحة ابنائها من دون ان تسبب لهم التخمة وليس لمجرد حشو المعدة بكمية الأكل غير الصحي، بينما نجد السيدة الواعية هي من ترتب اوقات الاكل لأسرتها ومدى جودته لهم، والمرأة التي تجيد فن الطبخ تجيد القراءة الموسوعية، اي بمعنى متابعة لأحداث الساحة اليومية ومتابعة للامور الطبية الاخرى.. إلخ وكل ما يجري حول مملكتها الصغيرة، داخل هذا العالم الكبير. نفيعة الزويد
مشاركة :