قلب الإنسان ساحة للصراع بين الخير والشر

  • 2/16/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن من تأليف الكاتب السعودي عباس الحايك، وإخراج يوسف البلوشي من سلطنة عمان، افتتحت مسرحية «مدق الحناء» لفرقة «مزون» العمانية، مساء أمس الأول، في قصر الثقافة فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي. العرض من بطولة: عزيز خيون، بدور «رسلان»، وعبد الحكيم الصالحي، «هجرس»، وعبدالله مرعي «زيدون»، وغسان الرواحي «عارف»، وأحمد الشبيبي «أبو جاسر»، وجعفر اللواتي «راجح»، وعيسى الصبحي «صخر»، ونجيم الجرادي «نجيم»، وزينب البلوشي «بائعة الحناء»، وبلقيس البلوشي «الطفلة زهرة»، وندى الزدجالي «رضوة»، وآخرين. تنطلق حدوتة العرض من موت وجيه القرية «أبو برهان»، الذي كان يخطط لإكمال بناء سفينة بسواعد أهل القرية، تكون ملكاً لهم جميعاً، وتعينهم في سعيهم إلى طلب الرزق، وفي تلك الأثناء ينتهز القبطان «رسلان» وهو أحد أبناء القرية الفرصة، فيجلب جنوداً مرتزقة يسيطر من خلالهم على السفينة، وينصب نفسه وجيهاً للقرية، ويعلن أنه وحده المالك للسفينة، ويرغم أهل القرية على إكمال بنائها، مستعيناً ب«هجرس» ابن القرية، الطامع في الغنى والسلطة، ولا تفلح نصائح زيدون والأعمى الحكيم في ثني رسلان عن هدفه، ومع اشتداد ضغط العمل، وقرب انتهاء السفينة، يزداد سخط أهل القرية على رسلان، فتبدأ احتجاجات سرية من أهل القرية ضد رسلان، وهم يرون أن أحلامهم في العمل وجني المال من سفينتهم قد أصبحت بعيدة، وكان «صخر» والد زهرة، أشدهم سخطاً، ما جعله يتسلل إلى السفينة في غفلة من الحراس، ويصعد على صاريها، وحين يكتشفه الحراس يهددونه بالقتل، لكنه يرفض النزول، ويتوافد أهل القرية على المكان، وتحدث مشادة يصوب فيها الجنود السلاح على رؤوس بعض رجال القرية الذين يناصرون صخر في احتجاجه، ويستدعى رسلان، وعندما يعاين الوضع يأمر صخر بالنزول، ويهدده بأنه سيقتله، لكن صخر يظل متشبثاً بموقفه، ثابتاً في مكانه، عندها يختطف رسلان سلاحاً من أحد جنوده، ويوجهه إلى رأس هجرس، ويأمره بقتل صخر، ولا يجدي تدخل زيدون الأعمى، ولا عارف، ولا الرجال الآخرون في تراجع رسلان عن قراره، وتحت التهديد والخوف الشديد من القتل يوجه هجرس سلاحه إلى صخر صديق طفولته وجاره، فيرديه قتيلاً. يسكن الرعب قلب هجرس، وتأكله الحسرة والندم، وتؤرقه الهواجس، حتى يشنق نفسه، ويكتمل بناء السفينة، ويقرر رسلان الإبحار بها عند فجر اليوم التالي، ويأمر بحارته بالاستعداد، وفي الليل يختطف الجنود المرتزقة السفينة، وهو نائم ويختفون بها، فيجد رسلان نفسه وحيداً أعزل من سلطته وماله، أمام نقمة أهل القرية الذين يقيمون احتفالاً بهذه المناسبة، ويتجهون بزغاريدهم وغنائهم إلى رسلان للانتقام منه. سجل العرض اشتغالاً بارعاً على السينوغرافيا، بحيث وصفت بأنها بطلة العرض، وكان الممثلون على سوية عالية في الأداء، ابتداء من ممثلي الأدوار الرئيسية حتى الكومبارس. الإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية، وكذلك الغناء الشعبي الفولكلوري، كلها عناصر وظفت في خدمة فكرة العرض الذي تضمن الكثير من الرموز والإشارات والدلالات التي وظفت بعناية، كطقس الحناء الشعبي، وحقق العرض فرجة بصرية بما حفل به من عناصر خلقت صوراً متجددة الإضاءة، ووظفت هذه السينوغرافيا مع الخطة الإخراجية للعرض، ما أنتج أفكاراً جمالية رائعة. أعقبت العرض ندوة تطبيقية بحضور المخرج يوسف البلوشي، أدارها العماني عبد الغفور البلوشي، الذي رأى أن المخرج صاحب إمكانات عالية، وهو مؤهل أكاديمياً، حائز على العديد من الجوائز في مجال المسرح، أبرزها جائزة الشارقة للإبداع العربي الأولى، كما كُرّم في العديد من المحافل المسرحية العربية. وشارك في الندوة كثير من النقاد المسرحيين، الذين أشادوا بالعرض تمثيلاً وإخراجاً، وأجمعوا على أنه عرض جديد، ومختلف بحلوله الإخراجية الواضحة. وقال د. يوسف رشيد من «العراق»: «جاء العرض مختلفاً، وهو يؤشر إلى بداية جيدة للمهرجان، وقد انفتح خطابه المسرحي على عدة رموز وإشارات ودلالات وخلق صوراً متجددة، وأفرز ملاحظات مهمة، منها أن هيمنة الممثل الرئيسي «عزيز خيون»، قد قابلها حضور مميز ووازن من قبل ممثلين آخرين»، في ما ذهب عزيز الهاجري من «الكويت»، إلى أن المصورين كانوا على موعد للفوز بلقطات رائعة من كل الزوايا،الأمر الذي وفره العرض بما حفل به من جماليات وصور مشهدية، حيث كانت هنالك غلبة للسينوغرافيا داخل مخرج العرض. وذكر عبدالناصر الزاهي من «السعودية»، أن هذه الدورة قد شهدت تطويراً كبيراً على مستوى العروض، وأن «مدق الحناء» جاء متناغماً بين الصوت والصورة والأداء، كما أن الإيقاعات الموسيقية كانت مدروسة بعناية فائقة، وأكدت عبير الجندي من الكويت أن العرض نجح في إبراز الحالات النفسية خاصة «هجرس»، وشخصية الأم، فهجرس شخصية جمعت بين الطمع والإنسانية في الوقت نفسه، وقد نجح المخرج في إبراز تلك التناقضات النفسية الكامنة في النفس البشرية. وذهب محمد سيد أحمد من السودان، إلى أن العرض حافل بالمتعة البصرية في المقام الأول، وجاءت مشاهده متناسقة في إيقاع جميل ومنظم. وذكر كامل الشيرازي من الجزائر، أن العرض حفل بالعلامات والرموز والإشارات، ولا يوجد فيه تفوق لأحد، بل لكامل الفرقة المسرحية. بدوره لفت يوسف الحمدان إلى أن العرض عكس الصراع التقليدي بين الخير والشر، كما أن شخصية «العراف» في العرض جاءت مختلفة، فقد كان هو العراف الذي لا يرى، بينما السائد هو أن يكون للعراف قدرات استبصار ورؤية، فيما أكد يوسف الشمري من عمان على أن النص المكتوب تجاوز الستين صفحة، وأن المخرج قد احترم النص المكتوب بشكل كامل، فيما ذكر راشد ورثان من السعودية، أن كل شيء في العرض كان رائعاً ومنسقاً وبديعاً.

مشاركة :