اكتسب الدولار المزيد من الدعم بعد أن جاءت البيانات الاقتصادية من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والصين ضعيفة جداً. سجل الدولار الأميركي أداء جيدا في سوق العملات الأجنبية خلال الأسبوع الماضي، على الرغم من البيانات المخيبة للآمال لكل من مبيعات التجزئة وتضخم أسعار الاستهلاك. ويعزى مسار الدولار الإيجابي بشكل رئيسي إلى التفاؤل بتجنب توقف أنشطة الحكومة مرة أخرى، وضعف أداء الاقتصاد العالمي. إذ أقر الكونغرس الأسبوع الماضي مشروع قانون الإنفاق الحكومي بنتيجة 83 صوتا مقابل 16 صوتا في مجلس الشيوخ، و300 صوت مقابل 128 صوتا في مجلس النواب. وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، من المتوقع أن يصدق الرئيس ترامب على مشروع قانون الإنفاق، بعد أن خفض من حدة لهجته تجاه تعطيل حكومي آخر، وقال إنه ليس سعيدا بالتسوية التي تم التوصل إليها بشأن اتفاق أمن الحدود، لكنه لم يقل إنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضدها، مشيرا إلى أنه لا يتوقع إغلاقا آخر للحكومة. الاتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين يعطي الرئيس 1.375 مليار دولار بدلا من 5.7 مليارات الذي كان يطالب به الرئيس ترامب. ومع ذلك، فقد صرح الرئيس بأنه يخطط لإعلان حالة طوارئ وطنية لتجاوز الكونغرس وتأمين الأموال لبناء جداره الحدودي. وعلى صعيد سوق العملات الأجنبية، اكتسب الدولار المزيد من الدعم بعد أن جاءت البيانات الاقتصادية من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والصين ضعيفة جدا. ليرتفع مؤشر الدولار DXY إلى أعلى مستوياته خلال شهرين الأسبوع الماضي، محققا زيادة بنسبة 0.22% في جلسات التداول الخمس الأخيرة. ومنذ بداية العام حتى تاريخه، ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.90% تقريبا. وأحبطت إحصاءات المبيعات لشهر ديسمبر توقعات السوق، بعد أن هوت مبيعات التجزئة بأكبر وتيرة انخفاض خلال 9 سنوات، وتراجعت مبيعات التجزئة الأساسية أيضا بأضخم وتيرة لها منذ عام 2001، حيث انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 1.2% على أساس شهري و1.8% لمبيعات التجزئة الأساسية. ودفعت نتائج التقرير الضعيفة وزارة التجارة إلى خفض تقديرات النمو في الربع الرابع من 2018 إلى أقل من 2% من 2.7%، وفي نفس الوقت خفض بنك الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع لعام 2018 بنسبة 1.2% إلى 1.5%. وتمثل مبيعات التجزئة بالولايات المتحدة نحو 65% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإن الأرقام الأخيرة قد تضغط على النمو بحيث يصبح أقل بكثير مما كان متوقعا من قبل. وبالنظر إلى سوق العمل، فقد بلغ المتوسط المتحرك لأربعة أسابيع لإعانات البطالة أعلى مستوى له في عام واحد. وانخفض معدل التضخم الرئيسي بنسبة 1.6% على أساس سنوي، وتراجع نمو أسعار المنتجين في الشهرين الماضيين. وحتى صدور بيانات المبيعات، كان المسؤولون عن السياسة النقدية بالولايات المتحدة مترددين في رفع أسعار الفائدة واستندوا في ترددهم إلى المخاطر الناشئة عن النمو العالمي. لذا، فإن الضعف الأخير في مبيعات التجزئة يعزز الخطوات الاحترازية في خطة عمل الاحتياطي الفدرالي بشأن تشديد السياسة النقدية. تجدر الإشارة أيضا إلى أن البيانات الاقتصادية الأميركية تأجلت بسبب أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة. ومن المتوقع صدور التقارير المتأخرة التي تقوم بتجميعها وزارة التجارة، بما في ذلك بيانات المساكن الجديدة وطلبيات المصانع والناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، الأسبوع المقبل. تراجع التضخم سجل معدل التضخم الأميركي انخفاضا مخيبا في يناير، حيث انخفض على أساس سنوي إلى أدنى مستوى له منذ صيف 2017. وانخفض مؤشر أسعار المستهلكين من 1.9% إلى 1.6% على أساس سنوي، مما قد يسمح للاحتياطي الفدرالي بالإبقاء على الفائدة على الإقراض لليلة واحدة عند مستواه الحالي 2.25 - 2.5%. من ناحية أخرى، لم تسجل بيانات التضخم الأساسية أي تغيير في القراءات الثلاث الماضية وبقيت عند 2.2%. وشهد التضخم تراجعا مستمرا منذ الصيف الماضي، حيث انخفض مؤشر أسعار المستهلكين من حوالي 3 إلى 1.6%، متأثرا إلى حد كبير بانخفاض أسعار الطاقة. إذ انخفضت أسعار الوقود بنسبة 15.5% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بما في ذلك انخفاض بنسبة 5.5% في يناير. ودفع تباطؤ وتيرة الضغوط التضخمية الفدرالي الأميركي إلى البقاء في حالة حذر تجاه أسعار الفائدة. وهو ما أشار إليه مسؤولو الاحتياطي الفدرالي مؤخرا تعليقا على ارتفاع معدلات الفائدة، حيث صرح رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي بأن التوقعات الاقتصادية العالمية تتطلب انتهاج سياسة «الانتظار والترقب». وظل نمو الأسعار فاترا على الرغم من وجود سوق عمل قوي. ويبدو أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا يضغط على أسعار النفط، ويتسبب في إبقاء التضخم عند مستوى معتدل. وبالنظر إلى البيانات الممتازة للبنك الاحتياطي الفدرالي بشأن التضخم، نرى أن معدل الانفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي يبلغ حاليا 1.9%، وهو أقل من المستوى المستهدف البالغ 2%. وبالتالي، إذا استمرت حالة الزخم السلبي، فإن الفدرالي الأميركي سيصبح لديه سبب إضافي لعدم زيادة سعر الفائدة.
مشاركة :