واصل التعليم والقطاعان الأكاديميان الحكومي والخاص مسيرة الإخفاقات التي تنخر في بنائه وتضرب أساساته وتقوّض أركانه، اختلالات هيكلية في المنهج والسياسات وضياعا في الرؤى والتوجّهات وضعفا في بعض القيادات والمخرجات وفراغا في التشريعات، كل ذلك على مرأى ومسمع الجهات المعنية في الدولة، سواء التنفيذية؛ ممثلة بالحكومة، أو الرقابية؛ ممثلة في مجلس الأمة. ولقد أخذت الجمعية الكويتية لجودة التعليم على عاتقها محاربة الفساد في بعض المؤسسات الحكومية والمؤسسات التعليمية والاكاديمية، وتقديم المقترحات والتشريعات الكفيلة بتصحيح المسار، سواء بإعادة الهيكلة الشاملة أو في سلامة الشهادات الاكاديمية، وكذلك في كفاءة الابحاث العلمية التي أولتها الجمعية اهتماما بالغا، وخلافا لجهودنا؛ فقد نمى إلى علمنا، إضافة إلى ما نشر في جريدة أكاديميا الخميس الماضي، أن مجلس إدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب قد أصدر قراراً صادما، ينتظر التصديق عليه، قد ينسف أسس التفرّغ العلمي والعمل البحثي وقواعده، والذي طالما ناشدت الجمعية ضرورة تشديد لوائحه بما يكفل سلامة عملية البحث العلمي والحفاظ على المال العام، قرارا ينص على «الموافقة على السماح لعضو هيئة التدريس المتفرغ علميا بالعمل بأجر لدى المؤسسات الاكاديمية» للقيام بأعمال لا علاقة لها بالبحث العلمي، لتكون الهيئة بذلك قد خالفت اللوائح التي تضمن سلامة البحث العلمي، أي أجهضت الركن الأهم في قرار الهيئة رقم 835 لسنة 2009 الذي شدد في بنده الاول على «أن يخصص المتفرغ وقته خلال مدة الاجازة للعمل الذي تفرغ من أجله وألا يقبل أي عمل آخر بأجر أو من دون أجر». أي بمعنى آخر قامت الهيئة بانتزاع «التفرّغ» من التفرّغ العملي! انه في الوقت الذي نعاني فيه من عدم الالتزام بلوائح التفرّغ العلمي وانعدام المخرجات البحثية وهدر المال العام بمنح المتفرّغ راتبا مضاعفا، يخرج علينا قرار مجلس إدارة «التطبيقي» الذي إن تمت المصادقة عليه، فسيجعل التفرّغ العلمي أقرب الى التنفيع المادي وأكثر تسيّبا وانحرافا عن أمانة البحث العلمي وعن الهدف الذي أسس من أجله وأكثر هدرا للمال العام. إن الجمعية الكويتية لجودة التعليم إذ تضع مجلس إدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب امام مسؤولياته، فإنها ترد على كل من يدعي ان القرار هو للمساواة مع الجامعة، لأن الجامعة نظامها مختلف ويشوبه القصور، لأنه منح للمتفرّغ ساعة بأجر خلال الاسبوع، ما يتطلب إلغاءها أيضا، فكل ما بُني خطأ فهو خطأ، ما يتطلب من مجلس إدارة «التطبيقي» إلغاء هذا القرار الذي انتزع «التفرّغ» فنسف قاعدة التفرّغ العلمي. * * * إن ثقافة الهزل تربو عندما تستفحل التجاوزات ويعجز اللسان عن شرح أبسط الأمور لعامة الناس وخاصتهم لضياعهم وجهلهم. فهناك نكتة عراقية قديمة عن أب راح يشتري «مرق لحم» لأبنائه، فلما عاد للمنزل وجلسوا على السفرة لم يجد أبناؤه لحماً في المرق، فهرع الى المطعم غاضباً، وقال للبائع: كيف تبيعني مرق لحم ليس فيه لحم؟ فرد عليه البائع مستغرباً مستهزئاً: وشاي الأسد فيه أسد؟ * * * إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. بدر خالد البحر
مشاركة :