أعلن الدكتور سليمان السويط رئيس مجلس إدارة رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية، عبر حسابه في «تويتر» - الخميس الماضي - موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب على تعديل لائحة إجازة التفرغ العلمي، بحيث تسمح لأعضاء هيئة التدريس - خلال فترة إجازة التفرغ العلمي - مزاولة التدريس بمقابل مالي في المؤسسات الأكاديمية التي يوفدون إليها. هذا الإعلان لاقى القبول والاستحسان من قبل عدد من الأكاديميين، في مقابل الرفض والاستنكار من قبل عدد آخر منهم. مؤيدو القرار وجدوا فيه خلاصاً من قيود كبّلت حريات أكاديمية وضيّعت فرصاً استثنائية لبناء القدرات التدريسية والعلمية والاستشارية في مؤسسات أكاديمية مرموقة عالمياً. واستشهدوا في سلامة موقفهم بما جاء في البند (ح) من المادة (29) في لائحة شؤون أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، التي تجيز للأكاديميين الجمع بين إجازة تفرغ علمي وبين انتداب جزئي بما يعادل يوم عمل رسمي بالأسبوع. وأما معارضو القرار، فاعتبروه بمثابة رصاصة رحمة أطلقها مجلس إدارة التطبيقي على إجازة التفرغ العلمي وتحديداً في فلسفتها، فأرْدتها جسداً خاوياً وإن أعجبنا مظهره، بعد أن تقاعست الهيئة عن إنعاشها واستئصال أورامها التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.قبل أن أحدد موقفي من قرار التعديل الأخير على لائحة التفرغ العلمي بالتطبيقي، حاولت أن أحصل على نسخة منه عن طريق بعض معارفي الأكاديميين، ولكن من دون جدوى. ورغم حاجتي لتلك النسخة، إلا أنني لم أسع للحصول عليها من مكتب العلاقات العامة والإعلام بالتطبيقي، بسبب عدم تجاوبهم معي - ككاتب صحافي - في تجربة سابقة عندما طلبت منهم تزويدي ببعض المعلومات لزوم الإعداد لمقال حول ملف آخر في «التطبيقي». لذلك سأكتفي في هذا المقال بتناول فلسفة إجازة التفرغ العلمي، من دون التعليق المباشر على القرار الأخير.بما أن فلسفة إجازة التفرغ العلمي مرتبطة بفلسفة التعليم العالي، لذلك لا بد من الإشارة إلى أن الهوية الأكاديمية «للتطبيقي» تختلف عن تلك للجامعة. ولست هنا بصدد إثبات أي المؤسستين أرقى من المنظور الأكاديمي ولا أيهما أنفع لسوق العمل الكويتي من منظور اقتصادنا الوطني. ما يهمني هنا هو أن الكفايات المتوقع توافرها في أعضاء هيئة التدريس في «التطبيقي» تختلف عن تلك في الجامعة، ولذلك يفترض أن يمتد هذا التباين إلى مفهومهما للنمو الأكاديمي والمهني لأعضاء هيئتها التدريسية، وإلى لوائحهما المنظمة للنمو كلائحة إجازة التفرغ العلمي. المراد أن الاختلافات اللائحية بين «التطبيقي» والجامعة أمر طبيعي.إلى جانب الاختلاف في طبيعة الأبحاث، عضو هيئة التدريس بالجامعة يفترض أن يكون أكثر ارتباطاً بالبحث العلمي من زميله بالتطبيقي، في حين أن الأخير يتوقع منه أن يكون أكثر اهتماماً بسوق العمل من الأول. ولذلك ليس غريباً ألا تتم الإشارة صراحة إلى البحث العلمي في قانون إنشاء هيئة التطبيقي، في حين أن الجامعة معنية وفق قانون إنشائها «بإجراء البحوث العلمية وتشجيعها». لا أقول إن التعليم التطبيقي غير معني بالبحوث، وتحديداً التطبيقية منها، لأنهما مرتبطان وبشدّة. ولكن هذا الارتباط يفترض أن يكون ناتجاً عن التزام التعليم التطبيقي بتلبية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، في حين أن الجامعة ملتزمة مباشرة بالبحوث العلمية من أجل تطوير العلوم والمعرفة. القصد أن تقييمنا لأي تعديل في لوائح «التطبيقي» يجب أن يكون مبني على قياس مدى خدمته لحاجة سوق العمل وإن كان جزئياً على حساب البحوث.لا شك أن تبادل الأساتذة الزائرين بين المؤسسات الأكاديمية المتقاربة في الهوية أمر محمود ومطلوب لأنه يثري القدرات الأكاديمية الفردية والمؤسساتية. ولكن بسبب الغياب شبه التام لبرامج التبادل في «التطبيقي»، أصبحت إجازة التفرغ العلمي نافذة جيدة لمن يرغب بتنمية مهاراته الأكاديمية والمهنية، خصوصاً إذا كان الإيفاد إلى جامعات تطبيقية ذات علاقة متينة بسوق العمل المحيط بها. لذلك أرى أن قرار «التطبيقي» السماح بمزاولة التدريس أثناء إجازة التفرغ العلمي، قرار جيد إذا كان معززاً بضوابط تمنع تحول هذه النافذة الأكاديمية إلى مورد مالي يشغل الأكاديميين عن أهداف التفرغ العلمي.لذلك هناك حاجة لإلزام المتقدم بطلب إجازة تفرغ علمي بتقديم برنامجه الأكاديمي لفترة الإجازة، موضحاً فيه الأنشطة التي سيمارسها لتنمية كفاياته المرتبطة بإجراء بحوث تطبيقية وتدريس علوم تطبيقية في جامعات مرموقة، وتنمية مهارات استقراء وتلبية احتياجات أسواق العمل... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».abdnakhi@yahoo.com
مشاركة :