بموازاة دعم بعض المسؤولين السياسيين لما صرّحت به وزيرة الداخلية اللبنانية، ريا الحسن، لـ "يورونيوز" الأسبوع الفائت، حول قانون الزواج المدني الاختياري، جاءت ردّة فعل "دار الفتوى" اللبنانية حازمة لناحية رفض هذا المشروع من أساسه. وكانت الحسن قد أشارت لـ "يورونيوز" في وقت سابق إلى أنها "تحبّذ، شخصياً، أن يكون هناك إطار للزواج المدني" مضيفة "هذا الأمر سأتحدث فيه وسأسعى لفتح الباب لحوار جدي وعميق حول هذه المسألة مع كل المرجعيات الدينية وغيرها، وبدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري حتى يصبح هناك اعتراف بالزواج المدني". وليس في لبنان، حيث هناك 18 طائفة، حتى الساعة، قانون موحّد للأحوال الشخصية، فيما يتعلّق على سبيل المثال، بالزواج، الطلاق، حضانة الأطفال والإرث إلخ. وبالتالي، فإن معالجة أي مشكلة تندرج في تلك الأطر يعود إلى المحاكم الدينية التابعة لكل طائفة، مثل المحكمة الشرعية، أو الجعفرية أو المحاكم الكنيسية. المفارقة هي أنّ أيّ زواج مدني يُتمّم خارج الأراضي اللبنانية يُسجّل لاحقاً في دوائر الدولة، على أن تكون لذلك الزواج تبعات "صعبة" من حيث تسجيل الولادات في لبنان. وبمعزل عن نتيجة السجال حول قانون الزواج المدني الاختيار، يحسَب للحسن أنها نجحت بإعادة النقاش إلى الواجهة. ويقول مراقبون إن التنبؤ بنجاح الحسن بهذه المهمة قد يكون صعباً جداً، وأنها، في حال نجحت، قد تستغرق أشهراً، وربما سنوات. بكل الأحوال، هذا ما تنذر به ردود فعل السلطة الدينية السنية الأعلى في لبنان.دار الفتوى: رفض مطلق وردّ المكتب الإعلامي لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية سريعاً على ما جاء على لسان وزيرة الداخلية، ريا الحسن، عبر بيان نشره على صفحته الرسمية على فيسبوك. وأكد المكتب التابع للسلطة السنية الأعلى في البلاد على موقف مفتي الجمهورية، عبد اللطيف دريان، ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين، الذي لم يتغيّر. وجاء في البيان " (الموقف) معروف منذ سنوات في الرفض المطلق لمشروع الزواج المدني في لبنان ومعارضته لأنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء جملة وتفصيلاً من ألفه إلى يائه ويخالف أيضاً أحكام لدستور اللبناني في ما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة منه وبالتالي لا يمكن إقراره في المجلس النيابي دون أخذ رأي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان".تصريح قديم لمفتي الجمهورية السابق يشعل الفضاء الافتراضي لا يختلف فحوى البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي التابع لدار الفتوى اللبنانية، في جوهره، عن تصريح قديم قام به مفتي الجمهورية السابق، محمد رشيد قباني. وربما تكون النبرة في تصريح قبّاني هي التي دفعت برواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعادة نشره. وكان قباني قال في العام 2013 "إن كل مسؤول يواكب تشريع الزواج المدني هو خارج عن الإسلام، لا يدفن ولا يغسل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين". غير أن قباني أكد مجدداً، يوم أمس الأحد، 17 شباط – فبراير، "أن تشريع الزواج المدني يشكل خطراً على أخلاق وتربية الأسرة المسلمة وأجيالها، لأن أحكامه مستوردة من الغرب العلماني المناهض للإسلام وشريعته"، بحسب ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام.مفتي طرابلس: لو أدركت الحسن خطورة الأمر، لما نطقت به رأى مفتي طرابلس، مالك الشعار، أن ريا الحسن، ابنة طرابلس، ووزيرة الداخلية "لم تستوعب معنى الزواج المدني في بعده الإسلامي والديني"، مضيفاً أن هذه الخطوة، لو تمّ إقرارها، "ستؤدي إلى تغيير الأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن الكريم ويلتزم بها المسلمون". أيضاً على يورونيوز:يورونيوز تحاور ريا الحسن أول وزيرة داخلية لبنانية وعربية فماذا قالت ؟سياسيون وفنيون وإعلاميون و"مواطنون" مؤيّدون في ظل صمت بكركي (الكنسية المارونية الكاثوليكية) وتقديرات بموقف مماثل لموقف السلطة الدينية السنية لناحية رفض الزواج المدني، قال وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقديمي الاشتراكي في لبنان إنه يؤيّد قانون الزواج المدني. وعبّر جنبلاط عن ذلك عبر تغريدة نشرها على صفحته الشخصية على تويتر. وكتب جنبلاط متسائلاً "هل بالامكان ان ندلي برأينا دون التعرض للتكفير حول الزواج المدني .نعم إنني من المناصرين للزواج المدني الاختياري ولقانون أحوال شخصي مدني وكفى استخدام الدين لتفرقة المواطنين". بدورها وجهت الفنانة إليسا رسالة داعمة إلى وزيرة الداخلية ريا الحسن معبّرة عن تأييدها لمبادرتها إلى إعادة فتح النقاش حول الزواج المدني الاختياري. وقالت إليسا ما معناه أن تجار الدين لا يزالون يكفّرون كل من يتكلم عن الزواج المدني في 2019، ولكنهم يقبلون به عندما يتم خارج لبنان، مضيفة أن "الدولة المدنية لا يجب أن تستأذن أحد". وتوجّهت إليسا بالقول للحسن "الله يقويكي". أما زينب عواضة، الصحافية والإعلامية اللبنانية، فتساءلت كيف سيؤثر إقرار الزواج المدني على الزواج الديني؟ مضيفة أن الأول ليس مرتبطاً بالثاني. وأشارت عواضة إلى أن كل تلك الأمور "خيارات شخصية لن تؤثر على المجتمعات المدنية التي من المفترض أن تتحلى بالمناعة المطلوبة". كذلك توجّهت مجموعة من المواطنين بكتاب مفتوح إلى الوزيرة ريا الحسن، مذكراً إياها بعقود زواج رفض وزير الداخلية السابق، نهاد المشنوق، تسجيلها وبلغ عددها 52 عقداً، واصفاً ذلك بـ "الممارسة الجائرة"، ومطالباً بتصحيحها. وذكّر نص البيان برأي الهيئة العليا للاستشارات في وزارة العدل الصادر في العام 2013 وفيه النقاط التالية: - من حق اللبناني الذي لا ينتمي إلى طائفة ما أن يعقد زواجه مدنياً في لبنان. - الكاتب العدل هو المرجع المختص لعقد الزواج المدني والتصديق عليه. - الزوجان يمتلكان حرية تعيين القانون المدني الذي يتم اختياره من قبلهما ليرعى عقد زواجهما بالنسبة لآثار الزواج كافة. أدناه بعض التغريدات:
مشاركة :