وقفة مع كتاب خليفة بن أحمد الظهراني.. صفحات مضيئة في تاريخ البحرين (1-2)

  • 2/21/2019
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

في الثالث عشر من يونيو 2013 نشرت مقالا في صحيفة «أخبار الخليج» بعنوان «آليات التعبير عن الوفاء والإخلاص للوطن والقيادة والشعب.. خليفة الظهراني أنموذجا» أشرت في مقدمته إلى أن مملكتنا الحبيبة تنهض بقادتها الميامين ورجالها الصادقين وشعبها الوفي الأمين ومقيميها العاملين المخلصين، فهم ثروتها الحقيقية وليس ما تمتلكه من موارد مالية أو مادية أو تقنية، فهذه رغم أهميتها تبقى عوامل مساعدة على النهضة، وليست قواعد النهضة وأعمدتها، وتطرقت في متن المقال إلى مواصفات الرجال وفقا لعلم الاجتماع، فمنهم الرجل الفوضوي الثرثار، وهو الرجل الذي يخلق هالة إعلامية حوله، يتحدث عن كل شيء، ويدعي بما ليس فيه، ويعد بما لا يملك، ويقول ما لا يفعل، وهذا النوع من الرجال ضرره للبلاد أكثر من نفعه، ولا بد أن يأتي يوم ويكشف الناس والقيادة حقيقته. ومنهم الرجل المتسلط الذي يتقمص شخصية القائد والعالم المدرك لمجريات الأمور وبواطنها، ومن ثم فهو لا يستمع إلى أي رأي، ولا يناقش أي فكرة، يفتي ويقيم بما يرى وحتى من دون أن يطلب منه، فهو مصاب بداء الكبرياء إن لم يكن الحمق، وهذا رجل أقرب إلى الشر منه إلى الخير، حتى إن كانت نياته سليمة. ومنهم الرجل الودود المتملق الذي يلهث في المديح والإطراء والتواصل مع المسؤولين وأعمدة القوم، وادعاء الوفاء والإخلاص، خافيا عنهم الحقائق، إن لم يكن مزورا لها، تحقيقا لمصالحه الشخصية. وليس لمصالح الآخرين مكان في أجندته، وهذا رجل يهتز مع الريح فلا يؤمن جانبه. وهناك رجال يقول الله سبحانه من قائل عنهم في محكم كتابه العزيز في سورة الأحزاب آية 23 «رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ»، ويقول سبحانه في سورة التوبة آية 108 «رِجالٌ يُحِبونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا» وقال تعالى في سورة النور آية 37 «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ». من هذه الآيات الكريمة ندرك أن الرجولة ليست بالمال والجاه والبدن، وإنما هي قوة روحية، وكينونة نفسية ترجح صاحبها للتميز متحليا بمكارم الأخلاق ومعالي الصفات، وكفاءة الأداء، وإتقان المهام، والتطهر عن المنكرات وصغائر الأمور، ومن فضل الله على مملكة البحرين أن حباها عبر التاريخ بعشرات إن لم يكن بمئات أو أكثر من الرجال الذين ينطبق عليهم قبس من نور وصف العزيز الحكيم للرجال في آياته الكريمة التي استشهدنا فيها، واحد منهم، معالي الأخ القدير خليفة بن أحمد الظهراني رئيس مجلس النواب الأسبق، بما يتميز به من صفات وخصال اكتسبها من دينه القويم وعروبته الحقة وجذوره البدوية العميقة وأصوله القبلية الراسخة عبر التاريخ، وإخلاصه الوطني المتميز لبلاده وولائه المطلق لقيادة البحرين الخليفية العربية. واليوم وأنا أقرأ ما تضمنه الكتاب الموسوم خليفة بن أحمد الظهراني، صفحات مضيئة في تاريخ الوطن، الصادر أواخر عام 2018م، لمؤلفه الإعلامي المبدع الأستاذ جمال جاسم زويد، وهو الذي رافق الظهراني في رحلته البرلمانية الطويلة، أقف مشدودا ولست مستغربا لما تتحدث عنه الوثائق ذات القيمة الوطنية الكبيرة التي احتواها الكتاب، والشهادات الإنسانية الصادقة لشخصيات رافقت أو تابعت مسيرة الظهراني العامرة بالمواقف الوطنية الرفيعة التي أجمعت على أن الظهراني شخصية وطنية فذة غنية بعطائها في ميادين العمل الوطني والبرلماني والخيري والاجتماعي، وبصماته واضحة ومؤثرة في العديد من المواقف، فهو قامة عصامية رفيعة اختزلت كل الأخلاق الكريمة والصفات الطيبة لشعب البحرين، تميز بإرادته الصلبة وقراره المستقل وعقليته الفطرية الفذة في التخطيط والإدارة ومتابعة تنفيذ المهام، وحل أعقد المشكلات بأسلوب يجمع بين كوارزمية الشيخ العربي الأصيل، والإداري الموهوب الخبير، فنال الثقة العزيزة لقيادة البلاد وعلى رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين وعموم أسرة آل خليفة الكرام، بجده ووفائه وعمق ولائه وإخلاصه، فضلا عن اجتهاده وتميزه في مختلف المواقع التي شغلها، مثلما كان حريصا ومتفانيا في حب الخير وخدمة الناس منذ نعومة أظافره، متسما بحصافة الرأي ورجاحة العقل وبعد النظر وعلو الهمة والصراحة والأمانة في قول الحق، والنطق بالحقيقة، مقرونا بالتواضع والأدب الجم والخلق الرفيع، وحسن الاستقبال للكبير والصغير، وللغني والفقير، وللمواطن وللضيف والمقيم، والكرم والإكرام والتكرم، فهو كريم في عطائه للآخرين، وصادق في وده، ومكرم لرواده ومعارفه، كلّ بقدر استحقاقه وأكثر، علاوة على تكرمه من النظر في صغائر الأمور، فهو كبير وقور مهاب ومهيب، نقي طاهر القلب، عفيف، ومتسام في الإيمان بالله، فلا يتمترس إلا بالدعاء لله، متوجها إلى بيته الحرام، مصليا وحاجا أو معتمرا، ومحطة استراحته وكمال راحته اعتكاف العشر الأواخر من رمضان المبارك. فقد كان متسامحا في حقه، قويا في استعادة حقوق من فقد حقه ولجأ إليه. ومجلسه الأسبوعي العامر خير عاكس لتلك الخصال، فهو بيت الشعب وملتقى أطيافه وضيوفه، من دخله فهو آمن، ولا يخرج إلا راضيا منشرحا من طيب ما لقي ووجد، من حسن استقبال وسمو حوار وذكر لله وسنة نبيه، ولا يغيب أحد رواده حتى تجده باحثا سائلا عنه واقفا إلى جنبه في الأفراح والأتراح. بدأ مسيرته الحياتية بكل بساطة باحثا عن الرزق الحلال في مجالات العمل التي كانت متاحة في بلاده، إلا أنه كان دائم التطلع نحو الأفضل، وتلك سمة الرجال الطموحين، فيقسم وقته الثمين بين متطلبات العمل الوظيفي، من دون أن يبخسه حقه، وبين نشاطاته الاجتماعية والوطنية وأعماله الخاصة، حتى استقر به المطاف في خدمة الشعب والقيادة والوطن عضوا في جميع المجالس التشريعية في المملكة بدءا بعضوية المجلس الوطني عام 1973 مرورا بعضوية مجلس الشورى عام 1992 وأخيرا رئيسا لمجلس النواب ثلاثة فصول (2002-2014)، ولمسيرته التشريعية مقال آخر إن شاء الله.

مشاركة :