ما كادت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تغادر بروكسيل أول من أمس، مؤكدة أن محادثاتها مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي كانت «بنّاءة» في ما يتعلّق بتعديل الاتفاق على الخروج من التكتل «بريكزيت»، حتى أعلن رئيس المفوضية جان كلود يونكر عدم تفاؤله بتسوية الخلافات بين الجانبين، ما يتيح للمملكة المتحدة الانسحاب من الاتحاد باتفاق. لكن وزير المال البريطاني فيليب هاموند شدد على أن المفاوضات مع بروكسيل سجّلت «تقدّماً» في شأن «الحصول على ضمانة للطابع الموقت لشبكة الأمان» على الحدود بين شطرَي إرلندا، أو «ترتيبات بديلة». ورجّح طرح اتفاق معدل على مجلس العموم (البرلمان) الأسبوع المقبل، مستدركاً: «لكن ذلك مرتبط بالتقدّم الذي سيتحقق في الأيام المقبلة». جاء ذلك بعدما قالت ماي انها أجرت محادثات «بنّاءة» مع يونكر الذي التقته للمرة الثانية خلال أسبوعين، مجددةً دعوتها إلى إجراء «تعديلات ملزمة قانوناً على الترتيب الخاص بإرلندا، بما يضمن ألا يستمر الوضع إلى موعد غير محدد». وتابعت: «هذا هو المطلوب كي يقرّ البرلمان اتفاقاً. الزمن جوهر العقد». ووَرَدَ في بيان مشترك أصدره الطرفان: «اتفق المسؤولان على ان المحادثات كانت بنّاءة، وحضّا فريقيهما على مواصلة استكشاف الخيارات بروح ايجابية». واضاف أن ماي ويونكر سيناقشان الأمر مجدداً «قبل نهاية الشهر» الشهر، وزاد انهما اتفقا على مناقشة «ماهية ضمانات قانونية ملائمة» يمكن تقديمها لضمان ان تكون «شبكة الامان» موقتة، وطابع «تفاهمات أخرى» يمكن ان تحلّ مكانها مستقبلاً. لكن يونكر تبنّى لهجة متشائمة بعد اللقاء، قائلاً: «إذا لم يحدث اتفاق، ولا يسعني استبعاد ذلك، ستكون لذلك عواقب اقتصادية واجتماعية رهيبة في بريطانيا وعلى القارة. لذلك أوجّه جهودي في طريق يمكن أن يجنّبنا الأسوأ. لكنني لست متفائلاً جداً في ما يتعلّق بهذه المسألة». وشكا من أن البرلمان البريطاني ليس مستعداً لإقرار أي تفاهم، وتابع: «كل مرة نتوصل إلى اتفاق، يرفضه مجلس العموم حيث هناك غالبية ضد شيء ولا غالبية لمصلحة شيء آخر». في الوقت ذانه، لم يستبعد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك «تمديد المفاوضات إذا فشلت بريطانيا في إعداد خيار معقول في الوقت المناسب»، معتبراً أن ذلك «سيكون أفضل من خروج من دون اتفاق». ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر ديبلوماسي إن «المشكلة الجوهرية هي أن تيريزا ماي لا تحمل تفويضاً برلمانياً، ولن نتمكّن من التفاوض معها فعلياً إلا بعد حصولها على تفويض، ما يعني أننا وصلنا إلى آذار (مارس)» المقبل. وقال مصدر ديبلوماسي آخر إن «ماي لا تملك غالبية لأي شيء» في بلادها، وتابع: «لا تزال تعمّ بريطانيا حال من الفوضى، ولا يرى الاتحاد الأوروبي ضرورة لاتخاذ خطوة حيال البريطانيين في هذه المرحلة». واشار مسؤولون الى مناقشة نصوص تركّز على طابع العلاقات التجارية المستقبلية بين لندن وبروكسيل، بعد فترة انتقالية. لكن زعماء الاتحاد يريدون ضمانات بأن ماي تستطيع انتزاع مصادقة البرلمان البريطاني على أي اتفاق جديد، قبل أن يقدّموا أي تنازل. في المقابل، أعلن وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد أن ماي «لا تستطيع استبعاد الخروج من دون اتفاق مع بروكسيل». لكن صحيفة «ذي صن» اليمينية نقلت عن وزراء إن على رئيسة الوزراء الموافقة على تأجيل «طلاق» من دون اتفاق، أو مواجهة تمرّد في البرلمان. وأضافت أن وزراء العمل والمعاشات آمبر راد والعدل ديفيد جوك والعمل غريغ كلارك ووزير شؤون اسكتلندا ديفيد مانديل يطالبون ماي باستبعاد الخروج من دون اتفاق، من خلال تمديد المادة 50. وزادت: «إذا رفضت سيدعمون، ومعهم 20 من أعضاء الحكومة، خطة النائب إيفيت كوبر (من حزب العمال) كي يتولّى البرلمان مسؤولية بريكزيت». في غضون ذلك، ما زال حزبا المحافظين والعمال معرّضين لمزيد من الانشقاق، بعد استقالة 11 نائباً وتشكيلهم كتلة مستقلة داخل مجلس العموم. وحذرت النائب سارة والتسون (محافظة) التي انضمت إلى الكتلة، من أن «ثلث الوزراء سيستقيلون إذا قادت تيريزا ماي البلاد إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق»، فيما أعلنت زميلتها هايدي ألن أن «حوالى مئة نائب محافظ متضامنون» مع أهداف الكتلة.
مشاركة :