ظلت الساحة السياسية السودانية تترقب حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية قرارات مهمة جرى تسريبها مسبقا قبل أن يعلنها الرئيس السوداني عمر البشير عبر خطاب مباشر من داخل القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم، ورجحت إعلان البشير لحالة الطوارئ لمدة عام، وحل الحكومة المركزية الحالية والولايات السودانية المختلفة وتكوين حكومة تسيير أعمال. وشهدت أروقة الحزب الحاكم والحكومة تحركات محمومة أمس حيث عقد اجتماعات طارئة للمكتب القيادي للحزب الحاكم وأخرى لأحزاب الحوار، قبيل خطاب البشير. وفي المقابل جدد تجمع المهنيين السودانيين «تجمع غير رسمي» وحلفاؤه في قوى «الحرية والتغيير» مساء أمس المطالبة بالتنحي الفوري لنظام الرئيس عمر البشير وتسليم السلطة لحكومة قومية مدنية انتقالية. ورفض التجمع مسبقا القرارات المسربة. وقال التجمع في بيان «إن أي محاولة للالتفاف على مطالب الشعب لن تجد منا سوى المزيد من الفعل الثوري السلمي في الشوارع». وشدد على أن «مطالب الثورة واضحة ولا يمكن القفز عليها، وعلى رأسها التنحي وتسليم السلطة لحكومة قومية مدنية انتقالية». ويشهد السودان منذ ما يزيد عن الشهرين سلسلة تظاهرات، تولى تجمع المهنيين السودانيين زمام الدعوة لها للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والمطالبة بإسقاط النظام. وتجددت التظاهرات في عدد من أحياء العاصمة السودانية عقب صلاة الجمعة أمس ومساء أمس حيث خرج المئات في أحياء بالخرطوم وأم درمان مرددين هتافات تطالب بإسقاط النظام، عملت الشرطة السودانية على تفريقها بالغاز المسيل للدموع وفقا لشهود عيان. إلى ذلك، قال شهود إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين نظموا مسيرات ورددوا هتافات مناهضة للحكومة عقب صلاة الجمعة أمس خارج مسجد السيد عبد الرحمن المهدي. وأطلقت أجهزة الأمن السودانية سراح جميع معتقلي تظاهرات أمس الأول الخميس من القوى السياسية البالغ عددهم نحو ستة وعشرين معتقلاً. ومن بين الذين أطلق سراحهم نائبة رئيس حزب الأمة مريم الصادق، وسارة نقد الله أمين عام الحزب وصديق الصادق المهدي، بالإضافة إلى كوكبة من القياديين في حزب البعث والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين. ووصل متظاهرون يهتفون «حرية سلام عدالة» إلى وسط مدينة الخرطوم، حيث تصدّت لهم شرطة مكافحة الشغب، وقالت القيادية في «حزب الأمة» رباح المهدي: «إنه تم توقيف 26 شخصاً على الأقل بين ناشط وقيادي». وقال شهود: «إن شرطة مكافحة الشغب فرّقت المسيرة باستخدام الغاز المسيل للدموع، ومنعت وصولها إلى المقر الرئاسي». وأفاد شهود بأن متظاهرين عادوا وتجمعوا في عدد من الأحياء بمدن الخرطوم وبحري وأم درمان، عملت الشرطة على تفريقها بالغاز المسيل للدموع، وفقاً لشهود عيان. ونفذ موظفو شركتي الاتصالات «ام تي ان» و«زين» الخميس اعتصامين منفصلين، تضامناً مع المحتجين في العاصمة السودانية، بحسب شهود. وحصلت تجمعات في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر بحسب شهود. وأصيب متظاهر في مدينة ود مدني بعبوة غاز مسيل للدموع مما أحدث كسراً في الجمجمة نقل على إثره للمستشفى في حالة خطيرة. وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): «إن الشرطة عملت على تفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، وأصيب المتظاهر في رأسه من الخلف أثناء فراره وآخرين من ملاحقة الأجهزة الأمنية».
مشاركة :