نيفين ابولافي- بعد مرور اكثر من ثمان وعشرين عاما على تحرير الكويت، اسهمت الدراما المحلية بتقديم اعمال تطرقت من خلالها لهذا الحدث الذي يعتبر الاهم في تاريخ الكويت، والتي لاقت نجاحا من الناحية الجماهيرية، لكننا ومع هذه التجارب الجيدة، لا نزال بحاجة إلى دراما تلفزيونية تقدم هذه الاحداث من الناحية التاريخية والسياسية كمرجع تاريخي درامي، يوثق لهذه الحقبة في تاريخ الكويت، كما هو الحال في حياة كثير من الشعوب العربية والعالمية، التي قدمت اعمالا سينمائية وتلفزيونية اختزلت حالة او حدثا تاريخيا مهما، اشرف عليه متخصصون قبل ان يرى النور. حول هذا الموضوع استطلعت القبس رأي عدد من المهتمين بالدراما للوقوف على السبب. الكاتب فهد العليوة قال: عن نفسي، قدمت مسلسل «ساهر الليل» الجزء الثالث، وكان يتكلم عن فترة الغزو من ناحية اجتماعية، وقدمت احداث اختطاف الجابرية في «ساهر الليل» الجزء الثاني.. اكيد مطلوب اعمال تؤرخ احداث الكويت اكثر، لان الدراما هي الوسيلة الاسرع والابقى لايصال هذه القضايا بصورة سلسة، وطرحت بالفعل قضية الغزو في اكثر من عمل فني، من مسرحيات او سهرات او مسلسلات.. لكن قلة فقط من هذه الاعمال رسخت في عقل المشاهد.. اعتقد ان من اهم اسباب عدم طرح تاريخ الكويت الحديث، سواء الغزو او غيره، في اعمالنا هو الرقابة وتوجه الدولة بشكل عام، لعدم تسليط الضوء على هذه الاحداث، تلافيا للمشاكل او الدخول في مواقف محرجة مع اطراف خارجية.. وشخصيا اتمنى ان يتم رفع سقف الحرية لهذا النوع من الأعمال ودعمها من الدولة، لان هناك اجيالا لا تعرف الكثير عن احداث مرت بالكويت، واسهمت بشكل او بآخر في تكوين البعد الاجتماعي وخلق بعض المشاكل الاجتماعية التي يعانيها المجتمع الى اليوم. الروائية والكاتبة منى الشمري قالت: حتى نقدم عملا دراميا مشوقا وناجحا، موضوعه الغزو العراقي، ويكون فنيا على مستوى عال من الجودة، وتكتمل فيه عناصر النجاح من النص والإخراج والإنتاج، لا بد أن يتبنى تلفزيون الكويت الفكرة، فهو الجهة القادرة انتاجيا على تقديم مشروع ضخم مثل هذا، خصوصا انه عمل غير ربحي بل وطني، وبالتالي الإنتاج الخاص لن يغامر بإنتاج عمل بتكلفة عالية لا تشتريه القنوات ويخسر تجاريا، لكن وزارة الإعلام تمتلك ميزانية إنتاج العمل بإمكاناتها حتى من دون الحاجة لتكليف منتج متنفذ، فلا شيء ينقص الوزارة لتنتج عملا وطنيا، ما ينقصنا هو المبادرة وتكليف كاتب ومخرج لمشروع مثل هذا ليكون دليلا للأجيال الكويتية على مر الزمن، وذاكرة حية ونابضة تاريخيا عن حقيقة الغزو، ودوافع الطاغية صدام حسين في خيانة الجار، ليظل من الأعمال الخالدة في أرشيف تلفزيون الكويت. من جانبها، قالت الكاتبة انفال الدويسان: اذا كانت هناك جدية في تقديم هذا النوع من الاعمال للناس، فأعتقد انها مسؤولية الجهات المعنية بالانتاج الرسمي بالدولة، لكونها مكلفة ماديا وبحاجة الى متخصصين في التاريخ والسياسة، لمتابعة دقة المعلومات وكيفية صياغتها دراميا من خلال عمل فني متكامل، وايا من كان يسعى لتقديم نص في هذا الاتجاه يجب ان يحصل على موافقة مسبقة من وزارة الاعلام، لكون الموضوع ليس عملا دراميا فقط، بل هو سرد ايضا لوقائع تاريخية وحقيقية. واضافت: من الجميل ان تتبنى وزارة الاعلام عملا من هذا النوع يكون تحت اشرافها من كل النواحي، ويصبح بمنزلة مرجع للاجيال اذا ما جهز بشكل جيد ومدروس، فكل الاعمال التي تقدم في اي مكان في العالم وتتطرق الى التاريخ، عادة ما تنتقد اذا لم يكن هناك مختصون عملوا على تنقيح النص وقدموه بشكل يحاكي الواقع. د. محمد عبدال، استاذ النقد والادب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية قال: اعتقد بان المسرح قد طرح موضوع الغزو بشكل درامي جيد، اما بالنسبة الى الدراما التلفزيونية فهي ليست كالمسرح من حيث التكلفة الانتاجية، لانها تحتاج الى فريق متكامل في اعداد المادة التاريخية، سواء من حيث المتخصصون في التاريخ او المسؤولون السياسيون للحديث عن تلك المرحلة والاخذ بذكرياتهم، الى جانب ضرورة وجود كاتب متخصص قادر على صياغة الحدث التاريخي بشكل درامي، وفيه من المفارقة الدرامية ما يجذب المشاهد كي لا يخسر المنتج، لذا اعتقد ان المانع تلفزيونيا هو التكلفة المادية في الانتاج والبحث عن عناصر متخصصة.
مشاركة :