القوة الناعمة.. سور الصين العظيم

  • 2/24/2019
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

الصين، المعروفة رسميا باسم جمهورية الصين الشعبية، قوة عظمى سياسية تملك حق الفيتو ومساحة هائلة واقتصادا لا مثيل له، وعدد سكان يبلغ مليارا و390 مليون نسمة يشكلون 18% من سكان الكرة الأرضية، في الوقت نفسه تملك شعبية عالمية ونفوذا واسعا وقوة ناعمة تنافس قوتها الصلبة. كيف حدث ذلك؟ وما هي استراتيجية «انطلق للعالم» التي جعلتها تغير نفسها وتغير العالم؟ الصين أعجوبة مثيرة للاهتمام الدولي دائما وأبدا بقوتها الصلبة، رمز الشيوعية وأكبر دولة بعدد السكان، وثاني أكبر اقتصاد عالمي ومرشح أن يكون الأول، أكبر قوة بشرية عسكرية وثاني أكبر ميزانية دفاعية، وثالث أكبر مصدر للأسلحة بالعالم، وتملك ترسانة نووية معترفا بها، وهي عضو دائم بمجلس الأمن بالأمم المتحدة يملك حق النقض «الفيتو». في التسعينات الميلادية بدأت الصين التركيز على جانب القوة الناعمة لديها لتعزيز جاذبيتها بالخارج عبر الثقافة والإعلام والاستثمار وتعزيز قيمها ونشر لغتها، لكسب حلفاء أكثر والتأثير بشكل أكبر على شعوب مختلفة حول العالم، وكان ذلك بدعم وتأييد من المسؤولين والأكاديميين الصينيين، وبدأ العمل فعليا بداية عام 2000 باستراتيجية هي «انطلق للعالم» وتوجه أكثر انفتاحية دوليا. رئيس الصين الحالي شي جين بينغ قال صراحة عام 2014 «يجب أن نزيد القوة الناعمة للصين وأن نوصل رسالة الصين إلى العالم بشكل أفضل»، مما يعني أن القوة الناعمة الصينية تحظى بدعم حكومي كبير، ويؤكد الخبراء أنها تصرف ما لا يقل عن 10 مليارات دولار كل عام لقوتها الناعمة. 1. منذ عقود عدة والصين تملك موارد قوة ناعمة حقيقية، لكن كانت غير حكومية وغير منظمة، لكن ابتداء من التسعينات، نفذت الحكومة الصينية عددا من المبادرات التي تزيد وتدعم قوتها الناعمة وانتشارها العالمي وتوسيع تواجدها الثقافي لتعزيز صورتها الدولية، وعلى رأسها المراكز الثقافية، والتبادل التعليمي، والإعلام الدولي. 2 . عام 2004 أنشأت الصين رسميا «معهد كونفوشيوس»، وهو منظمة غير ربحية تابعة لوزارة التعليم الصينية لتعزيز الثقافة واللغة الصينيتين، وفعلا جرى افتتاح أول فرع ذلك العام في مدينة سول بكوريا الجنوبية، حتى أصبح هذا المعهد اليوم له أكثر من 500 فرع منتشرة حول العالم بمختلف القارات، ويقدم دورات ودروس في اللغة الصينية والخط والطهو والبرمجة، ويقيم احتفالات الأعياد الوطنية الصينية، إضافة لشراكات استراتيجية مع مختلف المنظمات العالمية في مختلف الدول، كان آخرها إعلان البدء بوضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي في المراحل التعليمية السعودية، مما يعد خطوة مهمة لتوثيق العلاقات ومثال قوة ناعمة حقيقية لكلا الجانبين. وأنشأت الصين أيضا «مجلس المنح الدراسية الصيني»، وعمل هذا المجلس على مسارين، الأول هو دعم تعليم الصينيين بالخارج، والثاني هو تقديم دعم ومنح للطلاب الأجانب في الصين، حتى أصبح الصينيون أكثر الطلاب الدوليين عددا بالولايات المتحدة برقم يتجاوز 363 ألف طالب، بالمقابل درس في الصين أكثر من 440 ألف طالب أجنبي في الصين من أكثر من 150 دولة، وأصبحت الصين ثالث أكثر وجهات التعليم إقبالا بالعالم، بحسب معهد التعليم الدولي، ودخلت جامعة بكين وجامعة تسينغهوا قائمة أفضل 50 مؤسسة تعليمية بالعالم. 3 حرصت الصين على ألا تكون أخبارها منقولة ومسيطرا عليها من وسائل الإعلام الدولية، لذا عززت وجودها بالإعلام الدولي عبر دعم وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» وزادت عدد مكاتبها إلى 170 مكتبا حول العالم، وتخطط لزيادة عدد المكاتب إلى 200 مكتب بحلول عام 2020، وأسست وسائل إعلام صينية بلغات أجنبية مثل الصين ديلي وذا غلوبال تايمز. دعمت الصين التلفزيون والإذاعة وأسمته «شبكة التلفزيون العالمية الصينية» لتنقل أخبارها بنفسها عبر 6 قنوات باللغات الإنجليزية والعربية والفرنسية والإسبانية والروسية، وفرق عمل في 70 دولة، أما إذاعة الصين الدولية فتبث 392 ساعة من البرامج يوميا عبر 38 لغة من 27 مكتبا في الخارج. وتدير الشبكة سرا أكثر من 30 محطة إذاعية في 14 دولة. 4. كثيرون لا يعلمون أن الحكومة الصينية تعمل على مبادرة تعرف باسم «مبادرة حزام واحد.. طريق واحد» أو «مبادرة الطريق والحزام»، وهي مبادرة لتطوير البنية التحتية والاستثمارات في بلدان في أوروبا وآسيا وأفريقيا بهدف ربط الصين بالعالم، ولتكون هي أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، وتتضمن طريقا بحريا وطريقا آخر بريا يمر بدول عدة من ضمنها المملكة العربية السعودية ومصر والهند وإندونيسيا واليونان وغيرها، ووضعت عام 2049 موعدا متوقعا لانتهاء المشروع واكتماله. 5 .ركزت الصين على الاستثمار البشري والمادي في قارة أفريقيا، ووصف خبراء عديدون أفريقيا بأنها أصبحت «القارة الثانية للصين» بعدما وضعت الحكومة الصينية أفريقيا على قمة أجندتها الاقتصادية، ونفذت القيادة الصينية أكثر من 79 زيارة لـ 43 دولة أفريقية بآخر 10 سنوات لتأمين مشاريع بنية تحتية وصفقات تجارية. 6. لدى الصين قوة ناعمة - غير حكومية - تتمثل في الأدب والفن والسينما والموسيقا والعلماء والشخصيات الرياضية والمشاهير، مثل المخرج السينمائي تشانغ ييمو والممثل جاكي شان وعازف البيانو لانغ لانغ والرياضيين المحترفين أمثال ياو مينغ الذين يعدون سفراء للثقافة الصينية بشكل غير رسمي. أخيرا، ما تم وما سيتم من تعاون بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إثر زيارة ولي العهد، جزء لا يتجزأ من القوة الناعمة المتمثلة في المشاركة بالتنمية الدولية والتبادل الثقافي لمستقبل أكثر إشراقا بإذن الله. _FAlHowail@

مشاركة :