يرى الكاتب العراقي نزار عبدالستار أن جائزة الشيخ زايد للكتاب «من أهم الجوائز العربية، والعالمية، خاصة أن سمعة هذه الجائزة المرموقة عربياً، ترسخت عبر تقييمها الذي يعد الأعلى في معاييره العلمية والموضوعية، مقارنة ببقية الجوائز العربية الأخرى». وقال عبد الستار في حوار مع «الاتحاد» حول روايته الأخيرة «ترتر»، المرشحة ضمن القائمة القصيرة للجائزة، في دورتها الثالثة عشرة عن فرع (الآداب)، إن «أحداث (ترتر) تركز على قضية التحديث التي انبثقت عربياً مع بداية القرن العشرين، وعن الآمال المعقودة على التطور العلمي، من أجل الوصول إلى حياة جديدة، ودور قوى التطرف والجهل، في عرقلة هذه التوجهات، وكيف بالإمكان محاربتهما، وذلك عبر قصة مدينة عربية أرادت الالتحاق بالزمن، ومواكبة العالم في تطلعه إلى مستقبل أفضل. والآن هذه هي قضيتنا -كدول عربية-، تحاول النهوض، واللحاق بركب التطور، لكننا في كل مرة نقع فريسة للتطرف والجهل والاستسلام لفرضيات الإرهاب، ومصادرة الحق الإنساني في الحياة». وبخصوص أبطال الرواية وعنوانها، لماذا «ترتر»؟، يؤكد صاحب رواية ليلة الملاك أن معظم شخصيات «ترتر» لا وجود لها في التاريخ، لكنه صنعها من خياله، واستنطقها بأفكاره، ومشاعره، ورؤاه، بعد قراءة طويلة لهذا الزمن، ولشخصية السلطان عبدالحميد الثاني، ومفردات اللغة العثمانية القديمة «حتى أقترب من الحقيقة، وتكتمل رسالة العمل». أما بخصوص معنى «الترتر»، فيتابع قائلاً: «هو قماش معروف في الحضارات القديمة، ولكنه في بداية القرن الماضي كان يستخدم في تأطير الإعلانات لإضفاء اللمعة، وعكس الأضواء. وبطلة الرواية (آينور هانز) رأت الترتر أول مرة في شعار النسر في العلم الألماني، عندما زارت سفارة بلدها في إسطنبول، فكان (الترتر) يمثل في أعماقها حالة انتماء، ويمدها بالقوة الداخلية والثقة بالنفس». وحول سؤال مفاده: تتكلم في روايتك عن مشروع خط سكة حديد برلين- بغداد وكأنك ترسم لنا خطاً رمزياً، ما مدى صحة هذا؟ يجيب قائلاً: «هذا صحيح، فنحن لا نستطيع العيش بمعزل عن العالم، ومن الواجب علينا تأسيس علاقة قائمة على الاحترام والسلام. يمكن اعتبار خطة سكة برلين بغداد بمثابة الرمز في الرواية، فلو أننا فكرنا قبل قرن من الآن بأهمية مد الجسور مع الآخر، لكنا الآن نعيش في عالم مختلف تماماً». وعن مغزى أن تتحدث روايته «ترتر» عن ثقافتين لا ينتمي هو إليهما هما الألمانية والتركية، وكيف يفسر ذلك؟، يقول: «أنا أؤمن بمعرفية الرواية وعالمية تلقيها، وأسعى في كل أعمالي إلى تمكين القارئ من الأبعد. كما أن جمالية الفن الروائي تتحقق من اتساع مساحة الوعي. لن أجازف أبداً بكتابة رواية لا أتمكن من مفرداتها. أعتقد أن رواية (ترتر) نجحت في إظهار الثقافتين المتباعدتين، والسبب أنني كنت منتبهاً جداً لكيفية طرح السمات الثقافية بعيداً عن الاستعراض أو السطحية، كما أنني وضعت الكثير من الإشارات التي يمكن في المستقبل أن تقنع القارئ الألماني، وكذلك التركي». يؤمن القاص والروائي نزار عبدالستار أن وظيفة العمل الأدبي، هي إعادة صياغة الواقع خيالياً، لأنه جوهر الفن، ويقول: «إن الرواية الجيدة قادرة على تجسيد هذا الجوهر، لأن قراءة التاريخ كرواية أكثر صدقاً من قراءة التاريخ كوثيقة باردة المعالم. فالأدب يضع روحه في الحدث، ويرمم الصورة حتى تكون مرئية».
مشاركة :