البوصلة السعودية تتجه شرقاً .. (آسيا) المستقبل الواعد

  • 2/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كتب – بخيت طالع الزهراني : سجلت جولة سمو ولي العهد الأسيوية الأخيرة سقفاً عالياً من النجاح ، بل لا أبالغ إذا قلت انها كانت (استراتيجية بدرجة الاحترافية الماهرة) .. وقطعا فهي ليست زيارة تقليدية روتينية تتم في مضمار العلاقة المعروفة بين دولة ودولة . . الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لكل من (الهند وباكستان ثم الصين) تشكل عنواناً عريضاً في جولة سمو ولي العهد ، فالدول الثلاث تتمتع بمواقع استراتيجية فريدة , وتزخر بطاقة بشرية (ثُلث سكان العالم ) وبأسواق حاضرة وأخرى واعدة , وهي بلدان تحتاج للطاقة (النفط) ، خصوصا وهي تعيش حالات من القفز المتوالي تكنولوجيا وصناعيا ، ويظل التماهي معها في شراكات مصلحية بعيدة المدى خطوة سديدة .. وخيار استراتيجي يفطن له النبهاء من القادة . . التوجه السعودي نحو آسيا كان في صلب السياسية السعودية الحكيمة ، وجاء الوقت المناسب لتنفيذه بزخم هائل ومدروس بحصافة من ملك بلادنا ، وعبر “أمير الرؤية” سمو ولي العهد , الذي أعلن للعالم أن رهانه على آسيا سيمضى بكل قوة ، وسيكون له نتائجه المضمونة ، كونه يتكئ على مسلمات وأبعاد تتعدى مجرد أن تكون بلادنا فقط بائع نفط . فقد أعلن سمو ولي العهد من قلب آسيا : (أن المملكة لا تبيع النفط فقط بل تستثمر أيضاً في الدول المستوردة) .. ولذلك – كمثال – جاء استثمار المملكة في ميناء جوادر الباكستاني أول وليس أخر دلائل الشراكات مع آسيا , بما يشكله ذلك الميناء من أهمية جغرافية , كمسار واعد رئيس لحركة الطاقة والصادرات العالمية عما قريب ، ولذا جاء استثمار المملكة في البنية التحتية للميناء وإقامة أكبر مصفاة نفط في العالم بكلفة 10 مليارات دولار، حيث سيتم تسريع وصول النفط إلى جنوب وشرق آسيا في زمن قياسي، مع تقليل تكلفتي التأمين والنقل. . ولقد اتضحت جليا المعادلة التي يحملها فكر سمو ولي العهد ، وحملها معه إلى ثلاثة من كبار آسيا .. وهي أن الاقتصاد تؤام التنمية , فجاءت الـ 148 مليار دولار وهي قيمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع (الصين والهند وباكستان) لتؤسس لمرحلة تستشرف أفقا أخضر ، يحيل المنطقة ككل إلى مرفأ للعمل الوثاب المنتج ، بعيدا عن القلاقل والانتكاسات والحروب ، التي كثيراً ما طحنت انسان ومكان هذه الحيز المهم من العالم . رهان الأمير محمد بن سلمان على آسيا وإيمانه بأنها ستكون رقما صعبا على المستوى الدولي ، هو رهان المتفحص الدقيق الذي يحمل وعي المرحلة ، ويملك قراءة الأفق البعيد للمستقبل .. ولذلك جاء عقد شراكات اقتصادية تنموية بعيدة المدى بين المملكة وكبار آسيا ذات رسائل ودلالات مهمة وعميقة . . من بينها أن الشركاء اقتصاديا هم أيضا شركاء سياسيون في كل المواقف والمنعطفات ، وهم بهذا الحجم الاقتصادي والسكاني سيظل يؤلفهم مسار التبادل المنافعي المشترك ، بما يضمن ديمومة وثبات العلاقة – ارتباطا بالمصالح … وهي رسالة للأخرين بأننا نملك – في المملكة – قرارنا بأيدينا ونسيّر كل مواقفنا بين الشرق والغرب بما تمليه مصالحنا دون ارتهان للأخر . والواقع أن زيارة سمو ولي العهد لأقطاب آسيا ، جاءت لتكون واحدة من الترجمات التفاعلية الحيّة لرؤية المملكة 2030 … في تلاقي مصلحي على هيئة توأمة مع رؤى أولئك الكبار الواعدة .. . نحن في المملكة – في الواقع – ليس لنا مشكلة مع أحد .. فقط قد يكون لبعض الأخرين مشكلة ما – نحن لا علاقة لنا بها .. فالذي يهمنا دائما هو مصلحة بلادنا ، التي تسير بوتيرة متسارعة وثقة تامة ، لبناء وطن يصطف مع الكبار كما يليق به .. طبقا لـ “الرؤية” … ولن يثنينا عن ذلك شيء … تلك هي رسالتنا ، وذاك هو صوتنا للعالم .. وعندما فتح لنا كبار آسيا الباب الأمامي العريض , دخلنا منه بكل ثقة واقتدار ، ضمن احترام متبادل ، ومصالح مشتركة .. . فتحية لـ – آسيا المستقبل – من جزيرة العرب مهد الحضارة .. تحية كبيرة من المملكة العربية السعودية المتجددة الطامحة .. وها هي سواعدنا تلتف مع سواعدهم لبناء مستقبل واعد .. مستقبل سيغير قواعد اللعبة العالمية في هذا الحيز المكاني الاستراتيجي من العالم .. مستقبل يضمن لنا جميعا منطقة آمنة مزروعة ببيارق السلام أولاً .. لتقام فوق ترابها وعلى أطرافها (حياة جديدة) .. تطوع الديمغرافيا والسياسة والاقتصاد ، لما يلفت الأعناق عما قريب .

مشاركة :