مايكل ت. كلير في 2017 ، نشر بروفيسور العلوم السياسية في جامعة هارفارد، جراهام أليسون كتاباً لقي رواجاً على نطاق واسع ، كان بعنوان «محكومتان بحرب»، واستخلص فيه أن الولايات المتحدة والصين سوف تصطدمان يوماً في حرب . قارن أليسون بين العلاقة الأمريكية - الصينية وصراعات القوى الكبرى عبر التاريخ، خصوصاً منذ حرب البيلوبونيز بين أثينا وسبارطة في القرن الخامس قبل الميلاد. ومنذ تلك الحرب اعتمد المؤرخون قانوناً في التاريخ يقول إنه عندما تواجه قوة مهيمنة قوة أخرى صاعدة تهدد نفوذها ومصالحها، تصبح الحرب بينهما حتمية . ولكن أليسون أغفل مسألة أساسية: الولايات المتحدة والصين هما عملياً في حالة حرب الآن. وإذا كان هذا الصراع لا يتسبب بالدمار المعهود في حرب تقليدية ، فإن عواقبه ستكون أيضاً رهيبة.ففي هذا العصر من احتدام وتنافس القوى الكبرى، الحرب تعني أكثر بكثير من معارك عسكرية، ويمكن أن تدور رحاها بينما يجلس قادة القوى المتحاربة معاً حول مأدبة عارمة لتبادل الأنخاب والتفاوض - كما فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج، عندما التقيا في الولايات المتحدة عام 2017 . ولنعتبر أن ما يجري حالياً بين الولايات المتحدة والصين هو حرب باسم آخر ، أو ربما نسخة ساخنة من حرب باردة . وحتى قبل وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، كان جيش وهيئات ومؤسسات الولايات المتحدة تستعد أصلاً لشبه حرب على مدى طويل، من خلال ممارسة ضغوط اقتصادية ودبلوماسية على الصين، وحشد قوات عسكرية في محيط الصين.ومنذ وصول ترامب الى الرئاسة، تصاعدت مثل هذه الممارسات الى أن أصبحت قتالاً على نمط حرب باردة، مع تعهد إدارته بإلحاق الهزيمة بالصين في هذا الصراع من أجل التفوق العالمي اقتصادياً ، وسياسياً، وتكنولوجياً، وعسكرياً. وهذا يشمل «الحرب التجارية» التي تشنها إدارة ترامب حالياً على الصين ، والهادفة الى إعاقة تنامي قوة الصين في المستقبل. وهذه حرب تقنية تهدف الى منع الصين من التفوق على الولايات المتحدة في مجالات أساسية، مثل التكنولوجيا. وهي أيضاً حرب إلكترونية - حاسوبية ، خفية الى حد بعيد، تترافق مع إجراءات عسكرية. وهذه قد لا تكون حرباً بالمعنى التقليدي، ولكنها بالنسبة إلى قادة كلتا القوتين حرب فعلية . وفي الوقت الراهن، لا تزال وسائل الإعلام والعديد من السياسيين في الولايات المتحدة يواصلون التركيز على العلاقات بين أمريكا وروسيا. ولكن خلف الكواليس، يعتبر كبار القادة السياسيين والعسكريين في واشنطن أن الصين، وليس روسيا، هي القوة - الخصم الرئيسية . أما الصين، فهي قصة أخرى. فبفضل اقتصادها الهائل، وتطورها التكنولوجي المتواصل، ومشروعها العالمي العملاق «مبادرة حزام وطريق»، وجيشها الذي يقوم بعملية تحديث سريعة، فإن الصين قادرة على أن تضارع الولايات المتحدة يوماً، أو حتى تتفوق عليها، على المستوى العالمي. وهذا ما يجعل النخبة الأمريكية مصممة على منع حدوثه بأي ثمن. وهذا أيضاً ما خلص إليه «تقييم التهديدات العالمية» الذي تضمنه تقرير وكالات الاستخبارات الأمريكية الذي نشر في مطلع العام الحالي . وتقول وثيقة «استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية» الصادرة في ديسمبر/ كانون الأول 2017: «لا بد من أن تحتفظ الولايات المتحدة بالتفوق»، وأن تعزز «مزيج قدراتها على نطاق يكفي للحؤول دون نجاح معاد» ... وأن تستمر في «تهيئة بيئة عالمية مؤاتية لحماية مصالحنا». بكلام آخر، الولايات المتحدة لا تريد أن يكون هناك تكافؤ بينها وبين منافسها الرئيسي - الصين . * بروفيسور وكاتب أمريكي متخصص في دراسات السلام والأمن العالميين - موقع «كاونتر بانش»
مشاركة :