طريق هوشي منه

  • 2/28/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كانت «طريق هوشي منه» الاسم الحربي للخط الذي استخدمه ثوار الفيتكونغ الشيوعيون لمحاربة الأميركيين في فيتنام. وهوشي منه نفسه، كان رمز الحرب ورمز الانتصار. وهذا الرجل كانت عاصمته هانوي. وهانوي هذا النهار هي مكان اللقاء بين دونالد ترمب وكيم جونغ أون. أقصى اليمين وما بعد أقصى اليسار. وقد استغرقت رحلة كيم إلى هانوي في القطار يومين ونصف اليوم. مثل والده الراحل يفضّل القطار المصفّح.وماذا يقول زعيم اليمين الغربي ورئيس أميركا عن هانوي؟ يقول: إنه يأمل أن يصبح كيم ذات يوم زعيماً على بلد مثل فيتنام. ويقول ذلك وهو يتناول الغداء على مائدة الرئيس الفيتنامي، المحار والمانغو والحلويات الرأسمالية، ومرحباً هوشي منه ورفيق لينين.إن هانوي اليوم مدينة لفنادق الخمسة نجوم. وقد حل الرفيق كيم في أحدها، فندق ميليا الرأسمالي، الأرستوقراطي، البورجوازي، الرجعي الذيلي الانحرافي المرتد! أين ذهبت تلك التعابير أيها الرفاق؟ وراحة هادئة للملايين الذين قضوا بالنابالم أو بغيره.هذا هو العالم، إذا كان في إمكانك أن تتخيله. أما أنا، محرر القسم الخارجي الذي كان يترجم كل يوم أخبار القتل الفالت بين شمال وجنوب فيتنام، وإحصاءات الموت والغارات الأميركية بالآلاف، فلا بد لي من الانبهار: الأميركي والكوري الشمالي يصران على الالتقاء في ضيافة هوشي منه، وبالتحديد في هانوي. وهانوي التي لم تعد هانوي. يا له من مشهد عبثي لا يُصدَّق. لقد ترك الأميركيون هنا 50 ألف قتيل، وفقدوا الآلاف، وخسروا المليارات، ومضوا منهزمين أمام مقاتلين يعيشون على الرز المسلوق.الآن ماذا؟ الآن ابتسم، أنت في هانوي. انسَ تلك الوجوه الكئيبة، فالناس تبتسم. والعشاء سَلطة محار مع المانغو. وضيفنا رئيس «أميركا أولاً». وصاحب الأبراج الرأسمالية كلها. ثم تقولون إن الأرض لا تدور. فمَن يدور إذن؟ يدور الإنسان. يموت بالملايين من أجل شيء كان في إمكانه الوصول إليه في جلسة حوار على فنجان قهوة. وفي أي حال، ماذا حمل الأميركيون كل هذه المسافة؟ الخوف من الشيوعية؟ أين هي اليوم. إن أغلى وأرقى التبضع اليوم هو في بكين وموسكو. وجناح الرفيق كيم في فندق ميليا لا مثيل له في باريس، حيث تعلّم هوشي منه فن الطبخ والثورة. طابت أزمانكم.

مشاركة :