تعد السيولة العالمية محركاً رئيسياً للأسواق، ومع ذلك، فإن الأسواق الناشئة وقعت بين مطرقة الولايات المتحدة وسندان الصين، وهما الدولتان صاحبتا الاقتصادين الكبيرين في العالم. وتساءلت «فايننشال تايمز»: هل تلوح في الأفق دورة مخاطر جديدة للأسواق الناشئة؟ وبالتزامن مع السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع معدل الفائدة تدريجياً، انخفضت السيولة في الأسواق الناشئة على مدار الاثني عشر شهراً الماضية بضغط من سياسة التشديد النقدي التي تبنتها البنوك المركزية لتلك الأسواق. تدفق السيولة ساد قلق في الآونة الأخيرة من تلميحات بتجدد سياسة التشديد النقدي من قبل البنك المركزي الصيني الذي يعد الأكبر في العالم حتى لو كان الأمر بشكل مؤقت. ولا توجد أدلة دامغة على تحول السياسة النقدية في الصين إلى خفض الفائدة هذا العام من البنك المركزي، فالبيانات الحديثة عن عمليات السوق المفتوحة اليومية تشير إلى علامات ضعيفة على ارتفاع السيولة. ورغم هذه الصورة الضبابية، تبدو التدفقات النقدية العابرة للحدود إلى الأسواق الناشئة جيدة بشكل ملحوظ بدعم من انخفاض حاد في وتيرة تخارج رؤوس الأموال من الصين وزيادة في دخول رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة الآسيوية كالهند وكوريا الجنوبية وتايوان ومنتجي السلع كأستراليا. ويُظهر التاريخ أن مثل هذه البيانات بشأن التدفقات العابرة للحدود غالباً ما تكون صحيحة وتقود إلى زيادات مستقبلية في ظروف السيولة في الأسواق الناشئة بوجه عام. وزادت السيولة النقدية في الأسواق الناشئة بدعم من توجهات صناديق التحوط في أميركا وأوروبا وأيضاً تحويل الأعمال والمستثمرين لتدفقات إلى بعض الاقتصادات الناشئة. وأشارت بيانات حديثة إلى أن الأسواق الناشئة – باستثناء الصين – جذبت صافي تدفقات مالية بحوالي 58 مليار دولار خلال يناير، وكان ذلك أول تدفق إيجابي منذ يونيو 2017. الدولار والفدرالي تم ضخ 21 مليار دولار في أسواق آسيوية أبرزها كوريا الجنوبية وتايلند كما تدفقت سبعة مليارات دولار إلى شرق أوروبا وثلاثة مليارات دولار في روسيا وحتى تركيا، بينما جذبت الهند 11 مليار دولار، ولم تجذب أميركا الجنوبية إلا ملياري دولار. وفي ضوء هذه المليارات المشار إليها في يناير، تساءل البعض: هل يمكن أن تكون علامة على تجدد علاقة بين دورة السيولة وتدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة؟ وشملت دورة رؤوس الأموال في يناير تدفقات عابرة للحدود إلى الأسواق الناشئة ومعدلات فائدة جاذبة أقرتها بنوكها المركزية، وغالبا يكون المحرك الرئيسي لتدفق الأموال إلى الأسواق الناشئة في الأحيان احتمالية تيسير السياسة النقدية الأميركية. وشملت دورة رؤوس الأموال الحالية تدفقات عابرة للحدود إلى الأسواق الناشئة ومعدلات فائدة جاذبة أقرتها بنوكها المركزية، وكان المحرك الرئيسي لتدفق الأموال إلى الأسواق الناشئة الإيحاء بسياسة تيسير كمي في أميركا. ويؤدي هذا الأمر إلى انخفاض قيمة الدولار واندفاع رؤوس الأموال نحو الاقتصادات الناشئة، حيث يسعى المستثمرون إلى تنويع ثرواتهم دولياً بحثاً عن ملاذات أكثر أماناً كسندات الخزانة الأميركية. يأتي ذلك في ظل الفكرة السائدة بأن الولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي للأصول الآمنة اقتصادياً وسياسياً على مستوى العالم ونتيجة النقص في مثل هذه الأدوات. ويعني النقص الهيكلي في الأصول الآمنة انتعاشة في الأسواق الناشئة، ويرى محللون دورة الأسواق الناشئة بمنزلة جزء تكاملي متزامن مع دورة الدولار الأميركي الأوسع نطاقاً. ورغم إشارات قوة الدولار والأصول الأميركية الآمنة تزامناً مع تحول الاحتياطي الفدرالي نحو تشديد السياسة النقدية، فإن سياسة الصبر في رفع الفائدة ربما تجعل 2019 عام الأسواق الناشئة. (أرقام)
مشاركة :