إعلامنا الخليجي إلى أي مدىً وصل، وإلى أي درجة تمكن من تحقيق أهدافه المرسومة، وهل بالفعل أصبح لدينا إعلام قوي يتردد صداه في الآفاق وينافس الإعلام الآخر، ويدرأ عنا الشرور على مستوى الدولة والمواطن؟ أسئلة كثيرة تثار في اللقاءات والندوات والمؤتمرات عاماً بعد آخر ويبقى الجواب ما نراه لا ما نسمعه. بالأمس التقى في المنامة وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون في مؤتمرهم الوزاري الحادي والعشرين لبحث التطورات المتسارعة في مجال الإعلام والاتصال، وماذا يستوجب على دول المجلس عمله لمواكبة هذه التطورات وتحقيق نتائج افضل على الساحة الإعلامية الخليجية والدولية. مثل هذه اللقاءات السنوية المجدولة لا ينتابنا الشك في أنه تم الاعداد لها بشكل جيد، وعكف فيها المجتمعون على دراسة ما قدم لهم من أوراق عمل ومقترحات مستشعرين أهمية مسؤولياتهم تجاه المنطقة وأبنائها وبما يحفظ لهم هويتهم ويعزز مسيرة التعاون. وكما هو معتاد، هناك قرارات يتم اتخاذها، وسياسات يتم رسمها مصحوبة بآمال بأن يتحقق كل ذلك على أرض الواقع من قبل الجهات الإعلامية في كل دولة سواء أكانت حكومية أم خاصة، ولكن هل يؤيد الواقع مثل هذا الطموحات أم أنه يسير في اتجاه يكاد يكون معاكسا؟ هنا لابد لنا من النظر في كل ما لدينا في دول المجلس من قنوات وإذاعات، وصحف ومجلات، ووسائل تواصل اجتماعي قد نعجز عن حصرها وتحديد توجهاتها بكل دقة. الحديث عن الاختلافات والتعددية في وسائل الإعلام في دول المجلس يحتاج إلى أكثر من مقال، وقد كتبت عنه العديد من الدراسات ولنقصر الحديث عن التلفزيون كمثال يمكن لنا أن نقيس عليه بقية وسائل الإعلام والتواصل الأخرى. في البداية الكل يعلم أن لدينا عددا كبيرا من القنوات التلفزيونية الحكومية والخاصة وهي متعددة المشارب، وفيها العام والمتخصص، ولكنها تفتقر في آليات عملها إلى المرجعية المؤسسية التي ترسم السياسات وتلم الشمل وتُعِين على تحقيق الأهداف. منذ سنوات طوال ونحن نتحدث عن مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك، وعن جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج والآمال المعلقة عليهما، ولكن الواقع لا نرى فيه سوى إنتاج برامجي محدود وترتيب لندوات أو مهرجانات أو دورات تدريبية يلتحق بها قلة من الإعلاميين. في مجلس التعاون هناك أمانة عامة للشؤون الثقافية والإعلامية ويكاد دورها يقتصر على أمور تنسيقية ودراسات متناثرة لا تلامس الاحتياج الأكثر إلحاحاً. نحتاج في مجلس التعاون إلى مظلة واسعة وقوية تستظل تحتها وسائل الإعلام الخليجية لتنعم بظلال الوحدة وتتقي شمس المتربصين الحارقة. نحتاج إلى من يجمع القنوات الخليجية والمنتجين ويتبنى معهم الأفكار الإنتاجية والتدريبية. نحتاج إلى من يضع الخطط لتظهر بصمة الخليج واضحة على شاشاتنا. كل ما نعيشه اليوم هو التنافس المفرط الذي يصل أحيانا إلى حد التناحر في استقطاب هذا العمل أو ذاك الممثل. لا يوجد لدينا انتاج خليجي مشترك بمعنى الكلمة يساهم فيه الجميع ويُسخّر لخدمة المواطنة الخليجية ويلبي احتياجاتها في مجتمع تربطه قواسم مشتركة في العقيدة والحياة الاجتماعية. وزراء الإعلام في لقاء المنامة باركوا إطلاق إذاعة (هنا الخليج العربي) وهي بارقة أمل ولعلها تكون نموذجاً مشرقا وطموحاً في رسم آليات جديدة لإعلامنا الخليجي ونرى بعدها قناة خليجية ووكالة أنباء خليجية، وبما يحقق تطلعات ورؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أنه آن الأوان اليوم للتحول من تعاون إلى اتحاد خليجي..
مشاركة :