التنافس بين المطاعم اليمنية والسورية والسودانية المنتشرة في مصر، انتقل من جهود جذب الزبائن العرب والمصريين، إلى التنافس للاستحواذ على الطباخين الوافدين الذين يخوضون أيضاً تنافساً مهنياً فيما بينهم، وأدت هذه الأجواء بين المطابخ الثلاثة إلى انتعاش مهنة «شيف عربي» التي أصبحت مطلوبة في مصر خلال السنوات الأخيرة. جاء ذلك على خلفية الخصوصية التي يتمتع بها كل مطبخ من المطابخ الثلاثة في تساوي فرصها لدى الزبائن المصريين وتقاسم اهتمامهم وإقبالهم، وهو ما جعل المنافسة تتركز أكثر بين مطاعم البلد الواحد، لتصبح الجودة وأصالة الأصناف والأطباق هي الوسيلة الأمثل لاستقطاب الزبائن، فالمطاعم اليمنية تتنافس مع بعضها البعض، وكذلك السورية والسودانية كل منهما ينافس مثيله. كل هذا ما دفع المطاعم اليمنية إلى التمسك بأن يكون الشيف الرئيسي «يمني» لضمان جودة الأطباق وأصالتها، مما خلق طلبا كبيرا على المهنة وفرص عمل للطباخين الوافدين. يقول أحمد عبده، صاحب مطعم يمني بضاحية المهندسين، لـ«الشرق الأوسط»: «نتمسك بأن يكون الشيف الرئيسي يمني حرصاً على جودة الطعام، لأنه يضمن أن تكون الأطباق يمنية مائة في المائة، ونتج عن ذلك تنافس كبير بين المطاعم للاستحواذ على الطباخين المتميزين الوافدين من اليمن، ونقوم باستطلاع أراء زبائننا اليمنيين بشكل دوري، حيث نسألهم عما إذا لاحظوا أي فرق ولو صغير بين ما نقدمه في مطعمنا وبين نفس الصنف عندما يتناولونه في اليمن». ويتمتع المطبخ اليمني بخصوصية كبيرة وتنوع في الأصناف والأطباق، ويتميز بتوابله المتنوعة، وطريقة طهي مختلفة للحوم، المعروفة بـ«المندي» حيث يتم طهو اللحوم أو الدواجن بطريقة الشوي الحراري في أفران عبارة عن حفرة في جوف الأرض. ويقول ياسر هادي، يمني، وهو الشيف الرئيسي في أحد سلاسل المطاعم اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»: «المطاعم اليمنية في مصر تتنافس على الطباخين المحترفين لضمان التميز، لذلك عندما قدمت من عدن تلقيت الكثير من عروض العمل، وأيضاً لا يخلو الأمر من منافسة كبيرة بين الطباخين أنفسهم». ومن أبرز الأطباق اليمنية التي لاقت قبولاً كبيراً في السوق المصري، طبق «العقدة»، وهو عبارة عن لحم مطبوخ في المقلاة مع الخضراوات، و«الفحسة» وتتكون من اللحم المطهو على درجة حرارة عالية، مضافاً إليها المرق والبهارات، و«السلتة» التي تقدم في أواني فخارية وتتكون من لحم مفروم مع البصل والزيت والصلصة وبعض الخضراوات، ويوضع على سطح الطبق حلبة سائلة. وأدى دخول مستثمرين مصريين إلى سوق المطاعم العربية المختلفة منفردين أو عن طريق الشراكة مع رجال أعمال عرب إلى دخول الطباخين المصريين المتخصصين في المطابخ العربية إلى أجواء المنافسة خاصة في المطاعم السورية. يقول طارق سيد، شيف مصري رئيسي في مطعم سوري بوسط القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «تخصصي في المطبخ العربي والشامي يرجع إلى عملي لنحو 7 سنوات بالمملكة العربية السعودية، وعامين آخرين بمطعم سوري في دبي، وقبل نحو عام اتصل بي العديد من الأصدقاء زملاء المهنة في مصر، وتحدث جميعهم عن انتشار المطاعم السورية ووجود فرص عمل كثيرة لذلك عدت إلى مصر». ويعد المطبخ السوري من أكثر المطابخ العربية تفرداً، إذ يتميز بإضافاته الخاصة التي تعطي الأطباق نكهة مميزة، وتحظى الشاورما السوري سواء التي تعد من اللحم أو الدواجن بشهرة واسعة في مصر، وكذلك الفلافل وهي أحد أهم الأصناف الشعبية المصرية التي تصنع من الفول، لكن السورية منها تكون من السمسم، وتمثل السلاطة والمقبلات أيضاً أحد جوانب تميز المطبخ السوري، ومنها سلطة الفتوش مع دبس الرمان الشامي، والسلطة الشامية الخضراء، والتومية، والتبولة الشامية بزيت الزيتون، وأيضاً من أبرز الأصناف السورية التي لاقت قبولاً واسعاً لدى المصريين الفراخ المشوية على الفحم التي تعد بخلطة سورية خاصة تتكون من مجموعة توابل أبرزها الزعتر. وتواجه المطاعم السودانية مشكلة تتعلق بندرة الطباخين المحترفين، مما يضطر أصحابها إلى جلبهم من السودان، ويقول عمر السر، مدير المشتريات في مطعم التكل السوداني بوسط القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ السوداني صعب بسبب جمعه بين المطبخ العربي والأفريقي، لذلك لا تجد شيفاً غير سوداني، ونحن نضطر إلى جلب الطباخين من السودان والتعاقد معهم». ومن أشهر الأصناف التي تقدمها المطاعم السودانية في مصر، «التقلية»، وهي عبارة عن لحم يطبخ جافاً مع البصل والزيت والصلصة، و«العصيدة» التي تصنع من الدقيق، و«الشية السودانية»، وهي عبارة عن لحم مشوي على الفحم تضاف إليه البهارات والشطة السودانية الحارة، والبامية المفروكة، ويستبدل المطبخ السوداني الخبز التقليدي بما يسمى «الكسرة» و«الجراسة»، ويصنع كلاهما من الدقيق مع إضافة خلطة خاصة من التوابل.
مشاركة :