أضرم أعضاء في جماعة يهودية متطرفة تطلق على نفسها اسم «تدفيع الثمن»، فجر أمس، النار في كنيسة في القدس الشرقية المحتلة، وخطّوا شعارات مسيئة للسيد المسيح عليه السلام على جدرانها. وقال رجال دين يعملون في الكنيسة ان أضراراً بالغة لحقت بجدران الكنيسة ومحتوياتها. وقال ناطق باسم الكنيسة ان النيران أتت على إحدى غرف مبنى الحلقة الدراسية المسيحية اللاهوتية، وغرف الحمامات. وجاء إضرام النار في الكنيسة التي تحمل اسم كنيسة «جبل صهيون»، بعد يوم واحد من إضرام النار في مسجد الهدى في قرية الجبعة في محافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية على أيدي المجموعة نفسها. وتشن حركة «تدفيع الثمن» منذ سنوات هجمات على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وعلى حقول المواطنين وممتلكاتهم في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ووصل بعض هذه الاعتداءات الى داخل اسرائيل حيث اضرمت النار في مسجد في النقب، وكتبت شعارات مسيئة للسيد المسيح على جدران عدد من الكنائس والأديرة. وأصدرت منظمة التحرير الفلسطينية بياناً حمّلت فيه الحكومة الاسرائيلية المسؤولية عن هذه الاعتداءات، وقالت: «ان التحريض الذي تقوم به الحكومة الاسرائيلية يشكل الدافع الاساس وراء قيام هذه الاعتداءات». وطالبت الامم المتحدة بتوفير الامن للفلسطينيين ومقدساتهم وممتكاتهم. وقال الامين العام للهيئة الإسلامية - المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى ان «هذه الانتهاكات الجسيمة المتكررة من المستوطنين على الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، دليل على همجية المستوطنين ووحشيتهم الذين يمارسون العنف والإرهاب بأبشع صورهما تحت بصر قوات الاحتلال الإسرائيلي وسمعها». وتابع ان حرق الكنائس والمساجد يشكل خرقاً للمادة (53) من بروتوكول جنيف الأول لعام 1977، والتي حظرت الإعمال العدائية الموجهة ضد أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب. واضاف: «واعتبرت المادة 8 فقرة ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية جرائم الحرب»، داعياً الى رفع دعاوى ضد المعتدين امام محكمة الجنايات الدولية. وحمل الأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري دلياني الحكومة الاسرائيلية تتحمل المسؤولية عن هذه الاعتداءات، مشيراً الى انها لا تقوم بأي جهد جدي لوقفها واعتقال القائمين عليها، وانها تمارس التحريض الذي يشجع على مثل هذه الاعتداءات. وأضاف: «ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو وحكومته يتحملان المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، وعما سبقها وما سيلحق بها من أعمال ارهابية يقوم بها المستوطنون الذين يتلقون الدعم المالي والامني والسياسي من حكومة التطرف والاستيطان».وطالب مجلس الكنائس العالمي برفع دعاوى قضائية ضد المستوطنين المعتدين امام المحكمة الجنائية الدولية. وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ يوسف ادعيس: «ان ما تتعرض اليه المقدسات الفلسطينية يأتي في سياق هجمة مدروسة مبنية على سياسة التراكم تمهيداً للسيطرة عليها بشكل كامل في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها عنصرية نابعة من اضطهاد ديني تخلص العالم منه منذ فترة طويلة». واضاف: «ان ما تعرضت اليه كنيسة جبل صهيون في القدس يتجاوز العمل الفردي وغير المدروس لكونه يأتي ضمن حماية سلطات الاحتلال التي تطلق العنان لهؤلاء المتطرفين ليقوموا بأفعالهم من دون رقيب أو حسيب». وقال ان المقدسات الاسلامية والمسيحية تعرضت في الأعوام الاخيرة الى 148 اعتداء على ايدي جماعات يهودية. وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الفاتيكان والمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها المختصة، وكذلك الدول الأعضاء في مجلس الأمن بـ»الخروج عن صمتها وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، وعدم التعامل مع هذه الجرائم اليومية كأحداث مألوفة وكأرقام تمر مرور الكرام». واضاف بيان صادر عن الوزارة: «ان المجتمع الدولي مطالب بعدم الكيل بمكيالين في التعامل مع الأحداث في المنطقة، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات الكفيلة بلجم التغول الإستيطاني في أرض دولة فلسطين، وتغول اعتداءات المستوطنين الفاشيين ضد شعبنا عموماً، وفي القدس الشرقية خصوصاً». وفي عمان (أ ف ب)، ندد وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة محمد المومني «بشدة بإقدام متطرفين يهود على إحراق كنيسة في القدس المحتلة»، وقال إن «إحراق وخط شعارات معادية للمسيحية وللنبي الكريم عيسى عليه السلام على جدران الكنيسة، أساليب إجرامية مدانة ومرفوضة بكل الشرائع الدينية والقوانين الدولية». وحمّل إسرائيل «بوصفها قوة قائمة بالاحتلال، المسؤولية عن أي انتهاكات تجاه الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية»، داعيا «المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة الى الضغط عليها لأجل وقف جميع هذه الانتهاكات». وأشار إلى أن «الاستمرار في رعاية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف أولوية هاشمية أردنية لم ولن يتوانى الأردن عن بذل كل جهد ممكن للدفاع عن هذه الأماكن».
مشاركة :