قال التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني حول أسواق النقد إن الجنيه الإسترليني كان الأفضل أداءً على مدار الأسبوع الماضي، مع ارتفاع سعره وبلوغه أعلى مستوى له منذ يوليو 2018 الأربعاء الماضي عند 1.3336 مقابل الدولار. وأضاف التقرير: بدأ الجنيه الاسترليني في اكتساب الزخم على خلفية الآمال المرتبطة بتمكن رئيسة الوزراء تيريزا ماي من تأجيل الموعد النهائي لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الاوروبي المقرر في 29 مارس الجاري، بينما تم تحديد عدد من جلسات التصويت خلال الشهر الجاري لتوحيد موقف مجلس العموم بهذا الشأن. وشهد الأسبوع تحولات كبرى في ما يتعلق بمسألة انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي من جهة الحزبين السياسيين الرئيسيين، حيث تبنى حزب العمال فكرة اجراء استفتاء ثانٍ، وتحول موقف رئيسة الوزراء تيريزا ماي نحو اتاحة خيار تأجيل الموعد النهائي لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. وفي التفاصيل، قامت تيريزا ماي خلال الكلمة التي ألقتها امام مجلس العموم البريطاني يوم الثلاثاء الماضي بتسليط الاضواء على توجه الحكومة لتأمين التوصل إلى اتفاق يحظى بموافقة مجلس العموم. وقالت إنه خلال الأسبوعين السابقين لخطابها، قامت بالتعاون مع الوزير المكلف بشؤون انفصال المملكة عن الاتحاد الاوروبي بالاشتراك في مباحثات مكثفة مع الاتحاد الأوروبي واحراز تقدم ملحوظ في هذا الشأن من خلال مناقشة التغييرات القانونية المطلوبة لضمان عدم استمرار مساندة ايرلندا الشمالية إلى أجل غير مسمى. وأكدت ماي أنها تدرك ما يحتاجه مجلس العموم لدعم اتفاقية الانفصال، كما يعرف الاتحاد الأوروبي أيضاً ما هو مطلوب لتحقيق ذلك، وأنها تبذل قصارى جهدها لتحقيق تلك المطالب، مضيفة أن المناقشات لا تزال جارية وسيتم الإعلان عن التفاصيل قبل إجراء التصويت ذي المعنى. وقصدت بالتصويت ذي المعنى الذي أشارت اليه، الفرصة القادمة لتصويت اعضاء البرلمان على الاتفاق المقدم منها، وهو الذي سبق وان رفضوه من قبل، إلا انها تأمل في تمريره في ضوء التغييرات الطفيفة التي ادخلت عليه والوقت القصير المتبقي. ويشمل اقتراحها التصويت لثلاث مرات متتالية يعتمد كل منها على نتيجة التصويت الذي يسبقه. ومن المقرر إجراء التصويت في 12 مارس الجاري، وفي حال تمريره بنجاح، ستنفصل المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي وفقاً لبنود الاتفاق الذي تفاوضت عليه تيريزا ماي. وإذا لم يتحقق ذلك، فسيقوم مجلس العموم البريطاني في 13 مارس على أبعد تقدير بالتصويت ما إذا كان سيتم الانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق أم لا. وإذا تمت الموافقة على ذلك، فستنفصل المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاق. أما إذا تم التصويت بلا، فعندئذ سيصوت مجلس العموم في 14 مارس على ما إذا كان سيتم تمديد المدة المحددة للمادة 50 لمدة ثلاثة أشهر، وقد أوضحت ماي انها لا تحبذ هذا الخيار ولا تريد حدوثه. كما نشرت الحكومة أيضا وثيقة توضح مدى استعداد المملكة المتحدة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، حيث يشير التقرير إلى أن النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة سوف يتراجع بمعدل يتراوح ما بين %6.3 و%9 على المدى الطويل في حال الانفصال من دون اتفاق. ويتابع التقرير المكون من 15 صفحة في سرد التفاصيل التالية: ستتعامل الدول الأعضاء في كتلة الاتحاد الأوروبي مع البريطانيين كمواطنين من دول أجنبية، وسيتطلب الأمر ان يقوم كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بفرض ضريبة القيمة المضافة والجمارك على بضائعها التي تنتقل بين الطرفين. وذكر التقرير ان هناك 240 ألف شركة ستتعرض لفرض الرسوم الجمركية للمرة الأولى، مع توقع ان تصل تكلفة الرسوم الادارية لشركات المملكة المتحدة إلى 13 مليار جنيه استرليني سنوياً. كما ذكر التقرير مسألة تأخر بعض الامدادات مثل المواد الغذائية، والتي يصل %30 منها من الاتحاد الأوروبي لكنه يواصل توضيح أن ذلك لا يعني احتمالية وجود نقص في المواد الغذائية في المملكة المتحدة. في حين ستكون تأثيرات انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق أكثر حدة على أيرلندا الشمالية، وسوف تستمر تلك التأثيرات لفترة أطول، حيث سيؤثر انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في قابلية استمرار أعمال العديد من الشركات في أيرلندا الشمالية، وذلك لكثرة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويعتمد العديد من تلك الشركات على سلاسل التوريد عبر الحدود. كما سيتأثر قطاع الخدمات الذي يمثل %80 من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة، حيث ستحدث زيادة في الحواجز غير الجمركية. وعلى الجانب الآخر من المعادلة، ذكر جيريمي كوربين زعيم حزب العمال أن الحزب سيدعم اجراء استفتاء ثان في حال فشلت خطته الحالية. وقد فشلت خطة حزب العمال بالفعل يوم الأربعاء الماضي، وخسرت بتصويت 323 نائباً ضدها مقابل 240 صوتا. وتعني تلك النتيجة أنه تحديداً في 12 مارس على الأغلب – سيتقدم حزب العمال رسميا بوضع تعديل يطالب بإجراء استفتاء ثانٍ على انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. وفي نهاية الأسبوع هدأت موجة ارتفاعات الجنيه الإسترليني، وبلغ سعر الجنيه الاسترليني إلى الدولار الأميركي 1.3212. المحادثات التجارية وفي موقف متشدد من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه المملكة المتحدة عن محادثات ما بعد انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، طالبت الإدارة الأميركية بزيادة إمكانية وصول المنتجات الزراعية الأميركية إلى سوق المملكة المتحدة وضمان عدم تلاعب لندن بعملتها. وأصدر مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة يوم الخميس الماضي وثيقة مكونة من 18 صفحة بعنوان «أهداف تفاوضية» لوضع ترتيبات الاتفاق التجاري المرتقب مع المملكة المتحدة، مقترحاً عدم حصول المملكة المتحدة على معاملة أقل تشدداً عن غيرها من حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، حيث تسعى الولايات المتحدة الى أن تقوم المملكة المتحدة بإزالة «الحواجز غير المبررة» المتعلقة بالمعايير والاشتراطات «الصحية والغذائية» على مستوى القطاع الزراعي. وقد واصلت بعض المجموعات الزراعية الأميركية شكواها على مدى سنوات عديدة من قيام الدول الأوروبية بوضع قيود لا داع لها على الصادرات الأميركية من اللحوم والحبوب استناداً إلى مخاوف من أنها غير آمنة للاستهلاك. وتضمنت الوثيقة أيضاً مطالب أخرى قد تتسبب في حدوث مشاكل للندن. فعلى صعيد العملة، تريد الولايات المتحدة «التأكد من تجنب المملكة المتحدة التلاعب في أسعار الصرف بهدف تحقيق التسوية الفعالة لميزان المدفوعات أو الحصول على ميزة تنافسية غير عادلة». وعادة ما يتم استبعاد المسائل المتعلقة بالعملات من المفاوضات التجارية، إلا ان إدارة الرئيس ترامب قد قامت بإقحامها في المحادثات، بما في ذلك محادثاتها مع الصين واليابان.
مشاركة :