تنشط حركة "مواطنة" المعارضة بشكل كبير في المسيرات الرافضة لولاية خامسة للرئيس الجزائري بوتفليقة، وقد كانت هذه الحركة من أوائل من دعوا إلى التظاهر في الشارع. DW عربية حاورت سفيان جيلالي، منسق الحركة ورئيس حزب جيل جديد. سفيان جيلالي في احتجاج على ولاية رابعة لبوتفليقة عام 2014 DW عربية: نحن في الساعات الأخيرة لانتهاء أجل تقديم ملفّات الرئاسة، هل ستقدم حركة "مواطنة" مرشحا لها؟ سفيان جيلالي: لن تقدم حركة مواطنة أيّ مرشح. لأن قواعد اللعبة السياسية لم تكن شفافة، السلطة تحضر للانتخابات لأجل فرض العهدة الخامسة. كل الشروط الموضوعية للمشاركة في الانتخابات غائبة، لذلك رفضنا بشكل مطلق المشاركة. رغم كل الاحتجاجات، أصرّ بوتفليقة على الترشح، وتم الإعلان عن إيداع ملف ترّشحه في الانتخابات. لماذا كلّ هذا الإصرار؟ الإصرار يعود لزُمرة تحيط ببوتفليقة، توّرطت في فضائح ضخمة تخصّ النهب والسرقة. هذه العصابة خائفة من تغيير النظام وبالتالي المحاسبة، وهي مصرة على الاستمرار مهما كان الثمن الذي سيدفعه الجزائريون فقط. بوتفليقة يعاني صحياً، فمن هي الأسماء التي تقف وراء ترّشحه؟ هناك عدة أسماء معروفة، منها بعض أفراد عائلته كشقيقيه السعيد والناصر. هناك كذلك قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، والوزير الأول أحمد أويحيى الذي يتحكم في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وكذلك كلّ المسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني، فضلاً عن رجال أعمال مستفيدين من أموال الشعب. حذر أحمد أويحيى من السيناريو السوري، بينما ألمح أحمد قايد صالح إلى نظرية المؤامرة. هل هناك تخويف باستخدام ورقة "العشرية السوداء"؟ نعم، النظام السياسي استخدم هذه الورقة منذ سنوات، إذ يقولون في كلّ مرة: "إمام نحن وإما الإرهاب". العالم كله يشهد أن المظاهرات في الجزائر التي شارك فيها مئات الآلاف، كانت سلمية وراقية. لا أحد يتحدث في الشارع بشعارات إيديولوجية أو إسلاموية. كلّ الجزائريين يطلبون ذهاب النظام وعلى رأسه الرئيس بوتفليقة. لكن ما هي ضمانات بقاء الاحتجاجات سلمية؟ وقع بالفعل استفزاز للمتظاهرين من لدن بعض العناصر المجندة من لدن السلطة، كما أنه من الممكن أن تقع بعض الانحرافات، لكن الجميع واعٍ بالأمر. بعد أن قمنا بالمسيرات، اقترحنا داخل الحركة شكلاً احتجاجياً آخر، هو إضراب عام وشامل، ما من شأنه أن يُجّنب المحتجين الاحتكاكات مع عناصر الأمن أو مع البلطجية. هناك من يشبه بنية النظام الجزائري بالمصري والجزائري، خاصة دور الجيش في العملية السياسية، ويقول إن السلطة قد تذعن لمطالبكم وقد تسهل صعود مرشح مدني، لكن يعود "النظام العسكري" للحكم كما جرى في مصر؟ صحيح هذا ممكن، لكن يجب أولاً أن نفهم طبيعة الدولة الجزائرية، فمنذ إنشائها والجيش هو عمودها الفقري. ما يجب أن ندركه أن الجيش هو الآمر مكون من أبناء الشعب الجزائري حتى وإن كان هناك بعض الضباط الذين ينتمون إلى "المافيا". نحن الآن نحتاج عملية جراحية دقيقة تمكّن من التفريق بين الوجوه الفاسدة وبين الدولة الجزائرية، فحتى وإن كانت الهتافات ترغب بإسقاط النظام، فالجزائريون لا يريدون إسقاط الدولة الجزائرية. لذلك أظن أن الجزائر مقبلة على مرحلة جديدة تؤدي إلى رحيل الطغمة الفاسدة لكن دون الدخول إلى المجهول. يعني أنتم مقتنعون أن الجزائر ستشهد تطوّرات خاصة بها لا تحاكي أيّ بلد في المنطقة؟ نعم، فلا يجب أن ننسى أن الجزائر عاشت في تسعينيات القرن الماضي حرباً شبه أهلية ساهم فيها الانقسام والإيديولوجيات المتناحرة. الآن خرجنا من هذه المرحلة، فحتى الإخوان المنتمين إلى التيار الإسلامي نضجوا وأصبحوا مقتنعين بضرورة بناء دولة الحق والقانون. أقول إنه ليس هناك شرخ بيننا في مبادئ بناء الدولة، فهناك مطالب واضحة مشتركة بين جميع الرافضين لاستمرار بوتفليقة حالياً هي فصل السلطات واستقلال العدالة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. أعتقد أننا في الجزائر تجاوزنا مرحلة الانقسامات التي عشناها في التسعينيات أو عاشتها دول في المنطقة بعد الربيع العربي. حاوره: إسماعيل عزام
مشاركة :