صرير الروح

  • 3/4/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الباب إشارة ترشدنا إلى كيفية التعامل مع الحياة بمداراتها المتعددة، واجهة ربما تكون محددة وبالتالي هي تعرفنا بما يقع وراء الباب، تلخص لنا ما نقبل عليه، وربما تكون واجهة مجهولة أو غامضة تؤدي إلى حالة من الكشف أو الإفصاح أو المفاجأة السارة أو الحزينة. الباب أيضاً عنوان، ومن هنا يكتسب أهميته الدلالية والرمزية اللافتة، هو بمعنى ما يؤشر إلى المحل أو وجود الكائن الإنساني أو المؤسسة..الخ، هنا يقوم الباب بتكثيف معنى الوجهة التي نسعى إليها.الباب رسالة يود القابعون خلفه إيصالها إلى الآخرين، لا يوجد باب لا يقول شيئاً ما، بداية من «نرجو عدم الإزعاج»، وحتى طلاسم الأبواب في الحكايات والأساطير، الباب يبوح بكلمات واضحة مبينة أو بألغاز تحتاج إلى تفسير وتأويل، سواء عبر جملة أو عبارة مكتوبة أو رسم أو تصميم أو لون أو مادة مستخدمة في صناعة الباب، إن قراءة أخرى لمفردات الباب تخبرنا بقوة عن سردية طويلة يتقاطع فيها الفني بالتاريخي بالثقافي.في كتابه الموسوعي «الباب..مقاربة إثنولوجية»، لا يترك الكاتب الفرنسي باسكال ديبي شاردة أو واردة تتعلق بالباب، يرصد وظيفته ورمزيته في مختلف الحضارات، ومكانته الموزونة في الكثير من العقائد القديمة، ويقرأ دلالاته المختلفة في العديد من الثقافات والآداب، يستوقف القارئ للكتاب ذلك الفرح الذي يفتتح به ديبي كتابه، حيث يتحدث عن الباب بوصفه مراوحة بين الدخول والخروج، يهديه إلى الفضوليين أولئك الذين يسترقون السمع عند الأبواب ومن ثم يطرقونها، إلى قلوب العاشقين المفتوحة على مصراعيها..إلى الباحثين عن أسوار المدن التاريخية، فقبل أن يدخل بنا ديبي إلى عالمه السحري يشعرنا أننا أمام عاشق كبير للباب.لا يتطرق ديبي إلى الباب في الثقافة العربية الإسلامية، برغم ما يمكن قراءته من خصوصية لافتة في تلك الثقافة ويتعلق بالأبواب، خصوصية معمارية وروحية لا تبدأ من أبواب المساجد ولا تنتهي بفضاء صوفي إشاري يحتاج إلى القراءة مرة تلو الأخرى حتى ندخل منه إلى عالم الأبواب الخلاب في ثقافتنا، ومروراً بحواديث سمعناها في الطفولة وتتعلق بتحذير البطل، أو تحذيرنا في العمق، من أبواب معينة، ربما يقع وراءها ما لا نتوقعه.يبدأ تعاملنا مع الباب بالاستئذان، وبعد ذلك نتورط في تفاصيل وأبعاد المكان، وبين الدخول ولاحقاً الخروج تقع قصة الباب، ربما تكون قصة عادية، وفعلاً يومياً نقوم به عشرات المرات، وربما تكون حكاية مدهشة يهيمن على خلفيتها صوت صرير الباب أو صوت أرواحنا نحن على وجه الدقة. المحرر الثقافي

مشاركة :