لو أن الشاعر نزار قباني لم يخاطب حبيبته بهذه الأبيات التي تقطر عذوبة.. يا سيِّدتي: يا المغزولة من قطنٍ وغمامْ. يا أمطاراً من ياقوتٍ.. يا أنهاراً من نهوندٍ.. يا غاباتِ رخام.. يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ.. وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ. لكان حال العاشقات أفضل، فقد وضع نموذجاً للعاشق المستهام، وجدد نذور الحب فأصبح أكبر احتمالات الفرح، لتحط ركاب المعايير العالية على صدور العاشقات التي تتسع للسماء مكانا، فيملأن روح الحب أهازيج حيث معها ترحل أصوات النهايات وتتوهج عيون البدايات، هو لم يع أن العاشاقات لا يكبرن على السؤال.. ويصدقن الحبيب في كل حالاته. ما يُفرِحُني يا سيِّدتي أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ بين بساتينِ الأهدابْ.. ما يَبهرني يا سيِّدتي أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ.. أعانقُهُ.. وأنام سعيداً كالأولادْ. لو أن نزار أحرق كراريسه الملونة، وهجر الحب الأعمى قليلاً، هل كانت ستتغير خارطة الحب في أذهان العاشقات الحسناوات، ربما يهربن من كبريائهن وعليائهن إلى سهول الحياة ببساطتها ودون ربط الحب بتعقيدات أو شروط مسبقة، وربما يحرق العشاق سفنهم، ويتلوّن الليل بالبهاء، ويغلق باب الحزن بالشمع الأحمر. يا سيِّدتي:لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ.. وأعنفَ مما كانْ.. أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ.. وفي تاريخِ الشعْرِ.. وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ. لو أن نزار صلى صلاة الميت على روح الحب..لابتعد التعب والصخب، وفصول الخذلان بعد الكرٍ والفرّ، ولأصبح رصد مقدار السعادة بالحياة أسهل، وكلما عصفت بنا يد الوجع نبتسم. لو انه خان الحب لخزّنّا الآن هفواتنا المؤجلة، ولعلمنا صمت المشاعر كيف نرتب الكلام، ونلف قلوبنا بمنديل من الحرير ونمضي لنرمي به في اقرب حاوية للمشاعر،، ولكن نزار علمنا أن هناك من يزهر الحديث معهم فتختلف أنوثة الدقائق ويمتلئ رأسها الساحر بالأفكار، فتصبح اللحظات مثل مسافر يحمل السماء بين عينيه، ندية، عذبة، باذخة الرقة. * كَلِمَاتٌ بَارِدَةٌ: غَرِيبَةٌ هِيَ الحَياَة كُلمَا عَلّقتُ عَلى صَمِتهَا شَرائِطي الحَمرَاء وفَساتِيني المُلوَنة التِي أعشَقُها خَذَلتِني بِبرُودٍ عَجِيبْ.
مشاركة :