سلم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بلاده إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر اتفاق عسكري يُعد الأول من نوعه خلال قرن من الزمان وقعته الدوحة مؤخرًا مع أنقرة. ويشير هذا الاتفاق إلى وجود خطر وتصعيد محتمل لصراع عدائي في الخليج والشرق الأوسط، بحسب ما نشره موقع صحيفة «ذا ديلي كولر» الأمريكي. الرد الأمريكي المرتقب وتترقب العواصم العالمية، رد وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي الأمريكي على حشد القوات التركية في قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. لأول مرة منذ 101 عام ويسمح الاتفاق المُسمى بـ«اتفاقية التنفيذ بين حكومة جمهورية تركيا ودولة قطر»، والذي تم توقيعه في 28 أبريل عام 2016، بوجود عسكري تركي في الخليج لأول مرة منذ 101 عام. كما منح الاتفاق، الرئيس التركي أردوغان، مطلق الحرية في استخدام الأراضي القطرية لتعزيز مصالحه الأيديولوجية، بينما يسخر قوة حلف الناتو، بصفته ثاني أكبر جيش في التحالف الدولي، بعد الولايات المتحدة التي تعد القوة العسكرية رقم واحد في الناتو. وتعتبر قطر دولة استراتيجية بالنسبة لتركيا، حيث يُمكن إساءة استخدام الاتفاق بين أنقرة والدوحة في مهام عسكرية في الخليج، وفق «العربية». وأكد عبدالله بوزكورت، في موقع «الرصد Nordic Monitor»، أن انطواء الاتفاقية على مخاطر كبيرة لتصعيد مشاركة تركيا في صراعات محتملة ربما لا تكون لها علاقة بحماية أو تعزيز المصالح القومية لتركيا. أبرز الثغرات والبنود المبهمة كما أن الاتفاق لم يُحدد جدولًا زمنيًا محددًا للفترة المسموح فيها للقوات التركية بالبقاء وتنفيذ عملياتها في قطر، كما أنه لا يحدد المعايير التي يسمح بموجبها لتركيا تنفيذ العمليات هناك. وتنص المادة (1)بغموض على أن تحدد هذه الاتفاقية الأحكام والشروط الرئيسة التي تنظم على المدى الطويل، وكذلك الوجود المؤقت وأنشطة القوات المسلحة التركية، ووضعية القوات المسلحة التركية في دولة قطر، ودعم قطر الدولة المضيفة لنشر القوات التركية على أراضيها. وتم إدراج هذا الاتفاق كقانون تركي في التاسع من يونيو 2017. وتنص المادة 17 من الاتفاق على أن مدة الاتفاق «ستبقى سارية المفعول لمدة عشر سنوات من تاريخ دخولها حيز النفاذ»، وتضيف أنها سوف يتم تجديدها تلقائيًا لمدة إضافية مدتها خمس سنوات لكل تمديد، وتم إغفال توضيح ما إذا كان هذا الحيز الزمني ينطبق على وجود القوات التركية أو إذا كان ينطبق على شيء آخر. وعلاوة على ذلك، فإن المادة الرابعة من الاتفاقية تسمح بنشر القوات التركية «لأي مهام أخرى»، وهو ما يعني أن أردوغان يمكن أن يتجاوز برلمان بلده والدستور التركي ويأذن شخصيًا بالمهام العسكرية خارج الأراضي والحدود التركية. وينص البند الأول من المادة الرابعة على ما يلي: «تتمثل المهمة الرئيسة للوحدة في دعم تعزيز القدرات الدفاعية لدولة قطر من خلال التدريبات والمناورات المشتركة، ورهنًا بموافقة الطرفين، يجري تنفيذ التدريب والمناورات مع القوات المسلحة للدول الأخرى، والمشاركة في مكافحة الإرهاب ومهام دعم السلم الدولي وأي مهام أخرى يتم الاتفاق عليها بشكل مشترك بموجب موافقة خطية من كلا الطرفين». إضافة إلى ذلك، لا تشير الاتفاقية إلى أنه سيتم استخدام طرف ثالث لتسوية النزاعات، وبدلًا من ذلك، تنص المادة 16 من الاتفاقية على أنه «يجب حلها عن طريق التفاوض بين الأطراف، دون الرجوع إلى اختصاص أي طرف ثالث، سواء هيئة أو محكمة محلية أو دولية». حلم القوة العثمانية وقال غريغ رومان، مدير منتدى الشرق الأوسط، في تصريحات لصحيفة «ديلي كولر»، إن الوجود العسكري التركي في الخليج لا يتعلق بالاستقرار الإقليمي، ويرتبط بشكل مباشر بحلم القوة العثمانية، التي يحاول أردوغان تحقيقها كجزء مما يطلق عليه «مصير البيان التركي»، ولما يحاول الترويج له كجزء من رؤية أكبر لدور تركيا، أو طرح دور لأنقرة تفرض من خلاله الرعاية على الدول الأخرى بوصفها مركز ثقل سنيًا جديدًا في الشرق الأوسط، أو نقطة ارتكاز وكقاعدة دبلوماسية، تسمح لأنقرة بإبراز قوتها خارج سوريا والعراق والقيام بنوع من القفزات على تلك البلدان للوصول إلى الخليج. خدع وألاعيب ضد أمريكا والغرب ووصف رونالد ساندي، المؤسس المشارك لمركز Blue Water Intelligence للدراسات الأمنية، الاتفاق التركي القطري بالغريب، لكنه شدد على ضرورة الوعي بخدع وألاعيب الدولتين. وكان ساندي، وهو كبير محللين سابق في المخابرات العسكرية الهولندية وناقد صريح لدولة قطر، واحدًا من ضمن أكثر من 1200 شخص تم اختراق ملفاتهم وحساباتهم الإلكترونية الشخصية كجزء من جريمة قرصنة متقنة، نفذتها قطر. وأضاف ساندي: «قطر وتركيا تحاولان حقًا العمل معًا لتعزيز نفوذهما، وأعتقد أن الإيرانيين إلى حد ما يلعبون دورًا في هندسة هذه التحركات، كما أن الهاجس الوحيد لدى الروس هو فقط العودة إلى الشرق الأوسط، بينما يهدف الأتراك في نهاية المطاف إلى التخلص من الثلاثة، إن هذا هو الأساس، ويبقى أن بشار الأسد يطمح فقط للنجاة». وتابع ساندي: «لا تملك قطر أكثر من ثروتها كونها دولة ذات أعلى دخل للفرد في العالم، بالإضافة إلى القدرة على التدخل في سياسات الدول الأخرى».
مشاركة :