التطوير المهني في بيئة العمل السعودية (2/2)

  • 3/7/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

هناك منظمات خاصة، سبقت المؤسسات الحكومية في المجتمع السعودي، من حيث التطوير المهني لبيئة العمل، فبدأ التقبل فيها واضحًا، فتلاحظ التعايش بين الثقافات المختلفة، والأنظمة المتغيرة؛ مثل شركة الاتصالات السعودية شبه الحكومية، والتي كانت وزارة سابقًا. لذلك نجد مرحلة إعادة البناء؛ هي المرحلة الرابعة والأخيرة التي لا يكتفي فيها الفرد بتقبل التغيير فقط، بل وإعادة تشكيل أسلوبه ليتناسب مع الوضع الجديد حتى يجني ثماره. لقد بدأت الأنظمة التي تتماشى مع الوضع الجديد، تلتزم بالعقود المهنية الواضحة، والحقوق المدنية، والتأمينات الاجتماعية التابعة لها، ونشر الوعي بالقوانين وحقوق الأفراد، بما يتماشى مع المؤسسة؛ ما يجعل الوضع فيها أكثر استقرارًا. ولكي يتحقق هذا التغيير، ينبغي فهم: كيف يمكن أن يكون هذا التغيير حيًا وفعالًا؛ وهذا ما يجعلني أطرح منهجًا آخر للتغيير؛ وهو منهج التدفق flow  ؛ وهو ما يُطلق على الخبرة؛ بمعنى اندماج الموظف تمامًا مع المهام التي يؤديها أو الأنشطة التي يقوم بها، فيكون في حالة ينسى فيها نفسه، مُستمتعًا بما يفعل. ويظهر ذلك من خلال تركيزه على المهمة، وتجاهل الأنشطة الأخرى؛ ما يؤدي إلى تدفق الأفكار والمشاعر والأفعال؛ ما يجعله بمهارة عالية. ويتحقق ذلك في أي بيئة عمل، عندما يكون هناك إمكانية لإنجاز المهمة؛ وهو ما يتطلب فهمها، وتوفر مواردها، وامتلاك المهارات اللازمة، ووضوح الهدف والاحتياجات، والحصول على تغذية راجعة فورية. وهذا يعيدنا إلى أهمية قيم الشفافية في التعاملات، والوضوح في الأدوار والتكليفات والحدود. يقود ذلك لمفهوم السلامة النفسية (psychologically safe)، الذي يجب أن يكون موجودًا في بيئة العمل، والتي تعني أن الأفراد الذين يعملون معًا بشكل وثيق- كأعضاء في الفريق- أكثر ميلًا إلى مشاركة تصورات مشابهة أثناء تطويرهم للخبرات المشتركة، بنفس التأثيرات المصاحبة، ويكون إدراكهم لعواقب المخاطر الشخصية في بيئة العمل من كيفية استجابة الآخرين، عندما يضع المرء نفسه على المحك؛ كطرحه سؤالًا، أو تقديم تغذية راجعة، أو الإبلاغ عن خطأ، أو اقتراح فكرة جديدة. وقد أظهرت دراسة- أجراها روزوفسكي في عام ٢٠١٥ على شركة جوجل – أن هذا المتغير، عامل أساسي في نجاح الفرق ذات الأداء الأعلى التي تتشارك معتقدًا واحدًا؛ وهو: “لن يتم عقابك عندما ترتكب خطأً”. إنَّ عقلية الصومعة أو الانغلاق على الأفكار الجيدة، تؤثر على السلامة النفسية سلبيًا في بيئاتها؛ وذلك وفق دراسة سيليرز وجريفنشتاين- التي أجريت عام 2012 – والتي أظهرت معاناة الموظفين من المستوى الأدنى، من سلامة نفسية أقل من نظرائهم رفيعي المستوى. وذكر  نيمهارد و إدموندسون في عام2006، أنها إحدى الظواهر ذات التأثير السلبي على أعضاء الفريق؛ وهو أمر متواجد في بعض المنظمات؛ إما لأسباب واعية، أو غير واعية. ولأن المجتمع السعودي، مجتمع مسلم عربي، يميل إلى الجو العائلي، ويهيمن عليه السلوك المتحفظ، فقد طغت عليه حدود تعتبر بعض المهن معيبة، ولا يمكن احترافها، كما جاء بالموروث؛ إذ تقلل من مكانة وقيمة وسلالة هذا الشخص، ومن أمثلتها: العمل في الخدمات والمطاعم، لكنها بدأت تتلاشى مع جيل الألفية الذي امتهن عربات الأطعمة (Food Truck). تطورت ديناميكية المجتمع السعودي مع التغيير العالمي منذ السبعينيات وحتى الآن؛ لتواجد ثقافات مختلفة بداخل المجتمع السعودي، ساهمت في إضافة موارد للمجتمع؛ ما جعل ثقافة العيب والخجل والمظهر الاجتماعي، تتجه إلى التقلص. وقد تنعكس المقاومة للتغير والرفض في مواطن معينه في إثارة مشاعر العيب او الخجل لديهم . فيرتبط العيب بالأخلاق غالبا في هذا المجتمع، كلما كان الخوف من فقدان القيم والأخلاق مرتفع، ارتفع الشعور بالعيب والخجل لديهم. كما ان السمعة والهوية الاجتماعية قد يعتبر مقياسا هاما لدعم هذا العيب أم لا. الخجل النفسي والمتمثل في عدة نواحي منها كون الشخص من ثقافة مختلفة او بهوية معينة ، تجعل البعض يميل الى محاولة إخفاء هويتهم وعدم التعبير عنها في سبيل  حماية الذات من الاستبعاد أو التعرض لأنواع التنمر الجسدية او النفسية الموجودة. ولذا فان الاحتواء الواعي بالتثقيف الاعلامي والتدريب المهني يؤثر ايجابيا في تحقيق السلامة النفسية ضمن منحنيات التدفق للتغير.الحصول على الرابط المختصر

مشاركة :