تبنى روبرت موجابي في زيمبابوي سياسة الانتقام والثأر من المواطنين البيض إضافة إلى معارضيه من جميع الأعراق، ومن خلال توجيه أتباعه باحتلال مزارع البيض بالقوة، تحولت البلاد التي كانت في السابق سلة غذاء الجزء الجنوبي من إفريقيا إلى بلد قاحل، وارتفعت البطالة خلال فترة حكمه بين 70 و 80 في المائة، ووصل التضخم في زيمبابوي في نوفمبر 2008 إلى معدلات فلكية ما أفقد العملة الوطنية قيمتها، وأدت الحملة التي نفذها أتباع موجابي على معارضيه في الأحياء الفقيرة إلى تشريد 200 ألف شخص. تكاليف التوتر قد يبدو التسامح مستحيلا لكن في المقابل قد يكون ثمن الأحقاد باهظا جدا. وهنا يقول دو فري: "قد يعتقد البعض أن الكره أسهل من المسامحة، لكن مشاعر الحقد قد تسيطر على مشاعر الإنسان بأكملها، وتحول الحياة بأكملها إلى سلسلة من الانتقام والكره". لقد أظهر عديد من الدراسات أن الكره يولد اضطرابات وضغوطا نفسية تترك آثارا سلبية في نظام المناعة عند الإنسان، وقد تؤدي إلى الاكتئاب والقلق وظواهر عصبية أخرى. وعادة ما تتعرض العلاقات المجتمعية، سواء ضمن العائلة أو مع الأصدقاء أو مع فريق العمل، لعديد من الإشكاليات والحساسيات الشخصية، وهو ما يحصل كثيرا ضمن محيط العمل في وقتنا الحالي الذي يعتمد على شبكة العلاقات الشخصية التي يبنيها الموظف الناجح. يشير دو فري إلى أن القادة المثاليين عليهم أن يكتسبوا بعض الصفات لتحسين قدرتهم على التسامح ويضيف : "على القائد أن يتعاطف مع الآخرين وأن يضع نفسه في مكانهم لتقييم الأفعال وردود الأفعال وتحديد مسببات ودوافع أي موقف قد يتخذه الشخص الآخر، كما يجب أن يتميز القائد بالقدرة على التحكم العاطفي". ويلفت إلى ضرورة إدراك مشاعر الحنق ساعة الغضب وتذكر آخر موقف للغضب وماذا كانت نتائجه السلبية، وهنا على المرء أن يفكر في تداعيات الموقف ومحاولة الاسترخاء والابتعاد عن الغضب. ويتابع دو فري قائلا : "القدرة على التسامح تتطلب قدرا كبيرا من النضوج، وعلى من يغضب أن يتذكر نيلسون منديلا وسنوات سجنه الـ27، فمن المؤكد أنه غضب كثيرا لكنه تعلم السيطرة على مشاعره مع مرور الوقت"، وينصح من يجد صعوبة في التسامح أن يتذكر أن الحياة عبارة عن سلسلة من تجارب التعلم وأن جميع المواقف التي نمر بها تجعلنا أكثر حكمة ونضوجا وخبرة. ويوضح دو فري أن التسامح لا يعني النسيان، فالتسامح الواقعي يعني علاجا للذاكرة مما حصل وليس إلغاء الذاكرة، ويضيف: "التسامح يعني أنك لم تعد سجينا للماضي، فالقادة المثاليون على غرار مانديلا وغاندي أدركوا ذلك تماما، فإن نسامح لا يعني أننا نغير الماضي، لكن يمكننا أن نغير المستقبل".
مشاركة :