ثلاث ليالٍ قضاها أحمد صالح آل مديس الغامدي بين الجبال تحاصره أصوات السباع والحيوانات المفترسة فيما اشتدت على جسده النحيل الرياح الباردة لكن مع كل ذلك كان الإيمان والثقة في الله تعالى تملأ قلبه، وعاش لحظات بين الحياة والموت يحلم فيها في العودة مرة لدفء الأهل والأصدقاء . إنها خلاصة قصة شاب تاه في أودية العقيق ثلاث ليالٍ وليس معه طعام أو شراب فقرر حفر قبر له ليحتمى فيه من السباع والبرد، ويكون أيضا المثوى الأخير حال فشل جهوده للعودة مرة للأسرة لكن الله سلم وعاد لأحضان العائلة بعد اكتشاف مكانه. « المدينة « زارت أسرة آل مديس في منزلهم بمحافظة العقيق والتقت بالمفقود العائد والذي روى تفاصيل رحلته، ويقول أحمد صالح آل مديس :»قررت أنا ووالدي والعائلة الخروج في رحلة للتنزه في احد الأودية المعروفة بمحافظة العقيق وبدأت في الاحتطاب وتعطلت سيارتي في وادي ثراد بالقرب من سد العقيق واتصلت على إخوتي واتجهوا لمساعدتي وطلبت منهم البقاء مع والدي وعائلتي واستقللت سيارة شقيقي باتجاه سيارتي المتعطلة ولكنها الاخرى تعطلت فاخبرتهم بأنني سوف اذهب مشيا الى الوالد والعائلة وتهت ولم اعد اعرف الطريق فمشيت واقتربت من اسكان بني كبير ومن ثم قررت العودة « ويضيف :»كنت أتتبع الأصوات وفي كل مرة اتجه إلى طريق لا اعرفه حتى اذا اقبل الليل قمت بحفر قبر لي لاحتمي من السباع والبرد وايضا حتى يكون قبرا لي حال وفاتي وكنت اسمع اصوات السباع والرياح الباردة وانتظرت حتى الصباح لعلي اجد من يدلني دون فائدة « ويستطرد :» كنت ارفع صوتي بالأذان لعلأحدا يسمع صوتي وفي الليلة الثانية عطشت وكدت اموت فوجدت علبة مياه واخرى مشروبا غازيا ملقى على الارض فشربتها كما اني تعثرت من سفح الجبل واصيب قدمي .. وفى الليلة الثالثة ايقنت ان الموت اقترب وكنت اعود الى قبري اذا جن الليل لاحتمي فيه وكان جل تفكيري في والدي ووالدتي لاني تركتهما عند السيارة ولا اعرف مصيرهما وعند بزوغ الفجر وتقريبا عند الساعة السادسة صباحا عثر عليَّ احد المواطنين من محافظة العقيق وفورا اتجه بى الى المستشفى ووقتها سجدت لله تعالى شكرا « وقدم آل مديس الشكر الجزيل لسمو امير المنطقة ومحافظ العقيق وابناء المحافظة على وقفتهم الصادقة معه ومع اسرته اما شقيقه غرم الله آل مديس فيروي معاناة اسرته في البحث عن شقيقه أحمد ويقول:» حين فقدنا شقيقي عند الساعة الواحدة صباحا واتصلنا بالشرطة والدفاع المدني وتناقل الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبدأ الجميع رحلة البحث وقد ايقنا جميعا بأن شقيقي قد فقد ولن يعود ثانية « واضاف :» بعد ثلاث ليالٍ تلقيت اتصالا يخبرنا بالعثور على اخي وهو بصحة جيدة وتبدلت احزاننا الى افراح بعد أن يئسنا من العثور عليه وكانت والدتي كل يوم تدعي الله تعالى بأن يمن علينا بعودة أخي اوعلى الاقل العثور على مكانه «. 100كليو مشيا على الاقدام وذكر ابن أخيه أحمد لـ»المدينة» أن عمه كان برفقة أسرته بالقرب من سد وادي ثراد في المحافظة، حيث تعطلت بهم السيارة، فقام بالاتصال بأقربائه الذين حضروا للموقع لإسعافهم، ولرغبته في البحث عن طريق أقصر للعودة طلب منهم أن يستكشف الموقع مشيا على الأقدام تاركا هاتفه النقال مع أسرته ولكنه ابتعد ما يقارب من 2 كلم وعندما همّ بالعودة ضل الطريق فاتجه إلى الجهة المعاكسة لمكان وجود سيارته وأسرته. فاستمر تائها بين الجبال حيث مشى خلال يومين ما يقارب من 100 كلم ذهابا وإيابا، يبحث عن موقع الأسرة بين الجبال الوعرة وفي الأودية المليئة بالأشجار. وأضاف، تم إبلاغ الجهات الأمنية التي شاركت في البحث عنه، إضافة إلى ما يقارب من 70 سيارة من سيارات الأهالي والشباب المتطوع. حيث استعانت أسرته وذووه بأحد قصاصي الأثر الذي ذكر أن المفقود قطع مسافة لا تقل عن 100 كلم بين الجبال بحثا عن سيارته أو أحد يدله على الطريق. وكانت المفاجأة السارة انهم عثروا عليه مستلقيا على ظهره في أحد الأودية التي تبعد عن موقع السيارة قرابة 3 كلم وكان في حالة من الإعياء الشديد والجوع والعطش، إضافة إلى إصابته في ركبته وانقطاع صوته جراء كثرة ندائه لكي يعثروا عليه، حيث تم العثور عليه من قبل كل من المواطن سفر بن حفيان ومحسن عمير وعايض بن مشرع وعدد من المتطوعين الشباب. وتم نقله إلى مستشفى العقيق. فيما قام محافظ العقيق غلاب العتيبي إضافة إلى مدير شرطة العقيق وعدد من رجال الأمن والمواطنين بزيارته في المستشفى للاطمئنان على صحته. وأكد الناطق الإعلامي للدفاع المدني المكلف المقدم عبدالله الظبية أن رجال الأمن وكذلك الدفاع المدني قاموا بالبحث عنه ساعات طويلة إلى أن حل الظلام، ولم يعثروا عليه. فيما بين الناطق الإعلامي لشرطة منطقة الباحة أن فرقة مكونة من ثمانية إلى 12 فردا من رجال الضبط والتحري بالمشاركة مع فرق الشرطة في محافظة العقيق ساهموا في البحث عن المفقود مؤكدا أنه لم يكن هناك أي قضية وراء اختفائه، وطالب المواطنين بتوخي الحيطة والحذر عند خروجهم إلى الجبال والأودية وألا يبتعدوا عن مواقع تواجد الناس فيها كي لا يضلون الطريق. المزيد من الصور :
مشاركة :