«المدرسة الدّوليّة للحكاية وفنون الحكي»، تجربة جديدة ومتفردة ومختلفة، ومتخصّصة في الحكاية كمحور عام، وما يتفرّع عنها من موروث، وأدب شعبيّ، وفنون الأداء التّعبيريّ، الّذي يعتمد الكلمة أساساً له.المدرسة افتتحها مؤخراً د.عبد العزيز المسلم رئيس «معهد الشارقة للتراث»، ويكشف د.نمر سلمون، الكاتب والمخرج المسرحي والأكاديمي، الذي عين مؤخراً مديراً لها، عن الكثير من تفاصيل الالتحاق بصفوفها، والمعايير الخاصة للقبول، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، إضافة إلى أشياء كثيرة.يقول سلمون: اسم المدرسة بحدّ ذاته يشير إلى الهدف من إنشائها، فهي مخصصة للحكاية وفنون الحكي. الحكاية هي أصل كلّ الفنون والآداب والفلسفة والعلوم، حتّى أن حياتنا مجرّد حكاية بسيطة تبدأ بزغاريد الفرح والمباركات عند الولادة، وتنتهي ب«رحمه اللّه كم كان كذا كذا»، أي أنّنا نعيش بين فكّي «كان يا ما كان» و«توتة توتة خلصت الحتّوتة». من هذا المنطلق، يواصل سلمون: ولأنّ الفنون الأخرى كالمسرح، والسّينما والفنون، حظيت بمدارس ومعاهد ومختبرات خاصّة بها، تدرسها وتطوّرها، كان لا بدّ من أن تحظى حاضنة الحياة: الحكاية بمدارس لها. ويشير إلى أن العديد من المهتمّين بالحكاية في العالم، أقاموا مدارس خاصّة تُعنى بها؛ لكنّ جميعها عبارة عن اجتهادات ومحاولات شخصيّة، وهذا ما جعل المعهد يفكّر باستحداث هذه المدرسة بتبنٍّ وتمويل حكوميّين يضمنان لها الاستقرار والاستمرار.ويضيف: الحكاية وفنون الحكي- بشكل عام- عالمان واسعان جدّاً، عمل الكثير عليهما، ولكن بنظرة متأمّلة وواعية إلى ما أُنجز في العالم بشكل عام، وفي العالم العربيّ خاصّة، نجد أنّنا ما زلنا بحاجة إلى مؤسّسات رسميّة متعلّقة بالتّراث اللّامادّيّ؛ لتنظيم هذه الجهود، والعمل على توثيقها، وصونها، وتفعيلها بشكل مستمرّ، يضمن للحكاية، بكلّ حقولها وفنونها، البقاء والاستئثار بدور بطوليّ في حياتنا الاجتماعيّة والتّربويّة.وعن كيفية الالتحاق بالمدرسة، يفاجئنا سلمون بالقول: لن يلتحق أحد؛ بل هي الّتي ستلتحق بمريديها أينما كانوا. في العام الأوّل، وهو العام التّأسيسيّ، ننظم في كلّ شهر ورشاً تصل مدّتها لأسبوع، تستضيفنا خلاله المدارس الرّاغبة في ذلك، وكذلك الجامعات والأحياء والجمعيّات الأهليّة؛ للتّعريف بعملنا واكتشاف المواهب، ثمّ استقطابها إلى مدرستنا؛ لتلتحق بورش أطول على مدار العام. هذا على الصّعيد المحلّي في الشّارقة. أمّا على الصّعيدين العربيّ والدّوليّ، فتنظم ورش احترافيّة لمجموعات من الحكواتيّين، والمهتمّين بشأن الحكاية، وأيضاً للهواة.ويلفت مدير مدرسة فنون الحكي إلى أنّ وظيفة المدرسين ليست التدريس؛ ولكن المساعدة، ويقول: نساعد المريد الحكائيّ على اكتشاف قدراته، ومساعدته على صقلها. مضى زمن التّعليم التّلقينيّ، حتّى في العلوم والرّياضيّات؛ يجب علينا أن نجد طرائق ليكتشف الدّارسون النّظريّات والمعادلات بأنفسهم، مع دعم ومساندة من أساتذتهم. على هذا أستطيع القول إنّ الحكّائين أو المنظّرين في الحكاية هم الّذين يشاركوننا العمل من أصحاب هذا التّوجّه. ولن يكون لدينا أي كادر ثابت في هذا الحقل حتّى لا نقع بفخّ التّأطير والتّنميط. وهذا يعني أنّنا نستفيد من خبراء المعهد جزئيّاً، ونوجه دعوة لخبراء زائرين من شتّى أنحاء العالم حتّى تكون الفائدة أشمل وأعمّ، وعن المعايير الخاصّة باختيار المدرسة لحكائيها الشرط الأهم، كما يصفه سلمون، ألا يكون المدرسون متطفّلين على هذا العالم، وألّا يتعالوا على الحكاية؛ بل أن يخضعوا لها. وأن يدركوا أنّها ارتبطت خطأً بأنّها موجّهة للصّغار فقط.
مشاركة :