شارع المتنبي ببغداد : الشارع الذي مر به السياح والجنود والغرباء

  • 3/8/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم أكن أصدق أنني كنت أمشي ذلك النهار في شارع المتنبي ببغداد.. ما زالت دكاكين الوراقين ومنصات الشعر ورائحة الكتب والأوراق تعبق بالمكان على الرغم من وجود باعة العصائر والحلويات والباجلاء واستكانات الشاي العراقي التي تملأ الأجواء.. هنا كان ممر الخلفاء والحكماء.. هنا مر هارون الرشيد بحاشيته واستمع إلى الشعر والغناء.. هنا بيت الحكمة.. وجامع المرادية والحيدر خانة.. هنا أُلقيت الخطب والحماسيات وتخرج العلماء من المدرسة المستنصرية.. هنا أقف حيث سوق الصقارين وسوق الصاغة وبياعي الزجاج والمرايا ومحال تجليد الكتب وتخطيط الأغلفة.. ما زالت المكتبات تحمل بين أرففها الطبعات الأولى من كتب الخمسينيات والستينيات والسبعينيات الميلادية.. ما زالت الدوريات الثقافية والتاريخية من أول أعدادها.. ما زالت كتب التراث والمخطوطات تخبأ في أقبية المكتبات العتيقة.. هنا في المكان نفسه وقف أبو نواس برفقة الرشيد وألقى أشعاره.. هذا الشارع زاره المثقفون والأمراء والرؤساء.. والصعاليك غنت به أم كلثوم وأسمهان وعبدالوهاب وسيد درويش.. ومرت به جماهير من السياح.. وداس على ظهر تربته الجنود والغرباء بعرباتهم ورصاصهم ومعداتهم الثقيلة وخلفوا وراءهم خراباً ونفايات.. ولكن الشارع لا يزال صامداً.. ومنذ ما يزيد على 800 عام.. لا يزال صامداً ومعرضاً دائماً للكتاب عجزت أن تنظم مثله كل وزارات وهيئات الثقافة على مر السنين

مشاركة :