دعوة صادقة من حاكم صادق

  • 3/9/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

د. عارف الشيخ كان لافتاً للنظر عندما وقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في حفل تخريج طلبة جامعة الشارقة يدعو قائلاً: في كل ليلة عندما أخلد فيها إلى الفراش، أبتهل إلى الله بالدعاء لهذا البلد فأقول:اللهم إني أودعتك هذا البلد، اللهم احفظ نساءه، اللهم احفظ أبناءه، اللهم أسكنهم في الأخيار، وأبعد عنهم الأشرار، اللهم إن كانت هذه آخر ليلة فضعها في يد من يحبك يا الله.نعم....وكان لافتاً للنظر أيضاً عندما انتهى سموه من دعائه، أبرقت السماء وأمطرت، فكأن السماء ارتاحت لهذه الدعوة الصالحة من حاكم صالح.فيا ترى ما أهمية الدعاء؟ و ما أهمية الصلاح في حياة من يدعو؟، سواء كان الداعي حاكماً أو محكوماً، ونحن نعلم أن الله تعالى قال: ادعوني أستجب لكم، وفي الحديث الشريف: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة».عندما يدعو الداعي يقتضي الواقع أن يكون الشخص مقبولاً عند من يطلب منه الاستجابة للطلب، فإذا كان الشخص مرفوضاً فإن طلبه يكون مرفوضاً أيضاً.وهكذا يكون العبد مع خالقه أيضاً لكن من غير تشبيه، لذلك كان الأوائل إذا أرادوا شيئاً من رب العالمين، بحثوا عن إنسان صالح، وطلبوا منه أن يدعو لهم، ولم يتصدوا هم للدعاء مباشرة.يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: «وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق، فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله فهو المُعان، ومن خذله فهو المخذول، وهذا تحقيق معنى قولنا لا حول ولا قوة إلا بالله».ومن هنا فإن في دعوة صاحب السمو حاكم الشارقة، لفتة كريمة، وتوجيهاً غير مباشر إلى أن العبد كائناً مَن يكون، حتى لو كان حاكماً، فإنه لا يستطيع أن ينفع نفسه ولا ينفع غيره إلا بأمر الله.لذلك فإن من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم أو من مأثور الدعاء: «بسم الله ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله، بسم الله ما شاء الله ما يصرف السوء إلا الله، باسم الله ما شاء الله ما يسوق الخير إلا الله، بسم الله ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن».فما أجمل الدعاء عندما نقول عند كل صباح وكل مساء: اللهم ارزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات وحب الفقراء والمساكين!.ثم أجمل المَشهد عندما نرى الحاكم يقف مبتهلاً إلى الله ومتضرعاً إليه، طالباً منه العون والمدد، بعيداً عن أبّهة الحكم، متجرداً عن الأنانية.أقول إن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي رصيده عند الله كبير إن شاء الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً.نعرف عن سموه أنه لا يتصنع الموقف، ولا يختلق المشهد، و هل من يحضر صلاة الفجر في جماعة يتصنع ؟ كلا بل هو بعيد كل البعد عن التصنع والرياء والمجاملة.ولقد عوّد سموه شعبه أن يكون صادقاً معهم، ومن كان صادقاً مع ربه، حريٌّ بأن يكون صادقاً مع شعبه والناس أجمعين.لذلك فإن الله بارك له في عمله وفي ماله وفي وقته، فسموه برغم قلّة الموارد وفّر لشعبه الحياة الكريمة، ووفّر للذكور والإناث العمل والدخل.وبرغم انشغاله بالحياة السياسية والاجتماعية، فإنه خصص للعبادة ما تستحقه، ووفّر للقراءة والبحث والتأليف والتحقيق ما يحتاجه.وموجز القول في سموه أنه إذا نام فهو في عبادة، وإذا استيقظ فهو في عبادة، وإذا سافر فهو في عبادة، وإذا أقام فهو في عبادة.إن الدكتور سلطان بن محمد القاسمي اليوم نموذج رائع للحاكم المثالي في ميادين الخير، وإنني و إن الكثيرين من رجال هذا الزمان يغبطونه؛ إذ كيف استطاع أن يوازن بين الدنيا والآخرة، برغم أن الحياة طغت على المشاعر. ولقد رأينا بالفعل أقواماً آخرين قد تطرّفوا، فمنهم من نظر إلى الدنيا نظرة سوداوية، فانزوى في زاوية ظناً منه أن اعتزاله للخلق هو العبادة.ومنهم من انغمس في ملهيات الدنيا وزخارفها حتى الركب، ظناً منه أنه خلق لذلك، ولم يقدر أن يقدم لآخرته شيئاً.أقولُ هنيئاً لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي صاحب القول الموفق والعمل المحقق بإذن الله.وهنيئاً لحكام الإمارات أجمعين، الذين يضرب بهم المثل في التفاني والتفاعل مع الشعب، ولقد أثبت الزمن أنهم هم الأصلح، وهم كذلك إن شاء الله.

مشاركة :