ثلاثة أسئلة فلسفية... اعتمدتها مكتبة «تكوين» في سياق إعدادها لمهرجانها «رحلة المعنى»، والأسئلة مفادها: ما المعنى... لماذا نبحث عنه... وكيف نصل إليه؟وتناغمت هذه الأسئلة في أنساقها الأدبية والفلسفية، من خلال ما تضمنه الفكر الإنساني من رؤى تبدو محيرة وعصية على الفهم، ومن ثم فقد حرص المهرجان - على أعلى تقدير - في أن يجيب عن هذه الأسئلة الحيوية، أو يساعد على إضاءة الفكر من أجل الإجابة عنها.وانطلقت الفعاليات معلنة حضورها الفلسفي والأدبي في أروقة وردهات الجامعة الأميركية في الكويت، بحضور صحبة طيبة من الأدباء والمفكرين والمتابعين للشأن الثقافي العربي في كل حالاته.مؤسِّسِة «تكوين» الكاتبة الروائية بثينة العيسى طرحت في الافتتاح سؤالها: «ما معنى المعنى»، كي تأتي إجابتها: «لا أعرف، لذا سأحكي لكم قصة... لم اخترعها، لقد قرأتها في طفولتي، في سلسلة المكتبة الخضراء، عندما كنت طفلة في التاسعة من عمري، كانت هذه مجرد حكاية ولكنها اليوم، تبدو حكاية عن المعنى، ولكن ما المعنى؟، كأن كل كتاب نقرأه، وكل تجربة نعيشها، هي ضرب من الليمون المسحور، وفي أعماق ثمرة الليمون حسناء عطشانة، وهي من فرط سحرها تستعصي تماما وكل ما تستطيعه إزاءها هو أن تحدق فيها لثوانٍ قبل أن تختفي ثم تسأل نفسك، ما الذي حدث؟ هل حدث ما حدث فعلاً، أم أنني توهمت الأمر برمته».وأفضت العيسى خلال سرد قصتها إلى اطلاعها - منذ سنوات - على كتاب «كيف تكتب الرواية» لغابرييل غارسيا ماركيز، والذي توسلت فيه الإجابة عن سؤالها. والمفاجأة أنها وجدته - كعادته - يراوغ من خلال حديثه عن شيء آخر.وأضافت العيسى: «يختتم ماركيز مقالته صائحاً: اللعنة كيف أكتب الرواية؟ بعد كل شيء قلته عن المعنى، أريد مثله أن أصيح اللعنة: ما معني المعنى، لأنني لا أعرف إلا قصة... فارس جوال، ليمون مسحور، وحسناء تموت من العطش».وأفضى مسؤول «تكوين» الشاعر محمد العتابي في كلمته إلى سعي المكتبة في تغييرِ الصورةِ النمطيّةِ، واستعادة لفكرةِ المكتبةِ التي تمنحُنا الدافعَ للاستمرارِ في المقاومةِ، وخلقَ قرّاء جُدد، تكونُ القراءةُ فيها ثقافةً عامةً لا سلوكاً ترفيّاً أو رومانسيّاً.وقال العتابي: «في هذا الزمنِ - الذي يزحفُ هذا التشابهُ والقبحُ فيهِ على كلِّ شيءٍ - يخافُ القرّاءُ على المكتباتِ؛ القلاعِ الأخيرةِ الصامدةِ في وجهِ غبارِ المدنِ الجديدة. إلا أنني أؤمنُ أنّ للمكتباتِ طرقَها في الحفاظِ علينا من التلاشي، هي تجمعُ كلَّ أبطالِنا وثوّارِنا وعذاباتِنا وأحلامنا، وهذه الطاقةُ المتجددة لا يُمكنُ لها أن تزول».وألقى الدكتور عبدالرحمن الفرحان كلمة الجامعة الأميركية في الكويت ليقول: «تجربة جديدة اخترنا أن نرعى فيها مؤسسة تكوين الثقافية، التي كانت وما زالت تعنى بخلق وتكوين المعاني لكل قارئ أثقل رأسه عمق السؤال، بحثاً عن ضالته من الحكمة. ولعل البعض منكم يتساءل عن سبب اهتمام الجامعة الأميركية في الكويت برعاية واستضافة الأنشطة الثقافية، التي تساهم بوضع الكويت على الخارطة الثقافية في العالم العربي وجعلها قبلة للأدباء والمفكرين. إننا نفخر بكوننا المؤسسة الأكاديمية الأولى من نوعها في الخليج التي تتبنى نموذج الآداب والفنون الحرة. لذلك رعايتنا لمثل هذه الأنشطة يأتي تصديقا للهدف السامي الذي أنشئت من أجله الجامعة، وذلك إيمانا منا بأن الأمم لا تقوم إلا على الاقتصاد القائم على المعرفة الحرة».
مشاركة :