اتفاق محاصصة بشأن كركوك ينهي الخلافات بين الأكراد

  • 3/10/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أربيل (العراق) - اقترب الحزبان الكبيران في المنطقة الكردية العراقية من تجاوز خلافاتهما التي فجّرها فوز برهم صالح بمنصب رئيس الجمهورية، وأشعلت صراعا تنافسيا بينهما كاد يودي بتفاهم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي بينهما. وعلمت “العرب” أن مفاوضين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني، الذي أسسه وتزعمه لعقود الرئيس الراحل جلال الطالباني، توصلوا إلى تفاهم أوّلي بشأن توزيع السلطات التنفيذية والتشريعية بين الطّرفين على مستوى الإقليم الكردي محليا والعراق وطنيا. وبحسب الاتفاق سيسهم الاتحاد الوطني في الضغط على بغداد لانتزاع موافقتها على إعادة نشر قوات البيشمركة الكردية في بعض مناطق محافظة كركوك، ولا سيما مواقع استخراج النفط والغاز. ولأوّل مرة، منذ أعوام، سيعمل الحزبان معا على إدخال محافظة كركوك ضمن خريطة الانتخابات المحلية التي لم يجر بعد تحديد موعدها. وفي حال دخل الحزبان هذه الانتخابات في قائمة واحدة، فإن سيطرتهما على منصب المحافظ ستكون مضمونة، نظرا للأغلبية الكردية السكّانية في المدينة. وتفجّر النزاع بين الطرفين عندما تمسّك القادة الشبان في الاتحاد الوطني بترشيح برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية لينافس فؤاد حسين الذي رشحه البارزاني. وبدا أن الخلاف أخذ طابعا شخصيا عندما أصرّ أبناء الطالباني على التمسك بمنصب رئيس الجمهورية، بالرغم من صلاحياته الشكلية، وهو ما أغضب زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يعتقد أنّ لا أحد من الأحزاب الكردية يجرؤ على معارضته. ولم يقدّم المراقبون تفسيرا لإصرار البارزاني الحصول على منصب رئيس الجمهورية، بالرغم من صلاحياته الشكلية، فيما يقول مطّلعون على الشؤون السياسية في الإقليم إن الأمر يعود إلى الطابع العشائري الذي يحكم سلوك معظم العوائل السياسية في المنطقة الكردية. وردا على ذلك، قاد حزب البارزاني حملة علاقات عامة في بغداد أسفرت عن تعهد الأحزاب السياسية الكبيرة، من الشيعة والسنة، بعدم التصويت لأيّ مرشّح من الاتحاد يجري اقتراحه لأيّ منصب. وفعلا، حصل مرشحا البارزاني لوزارتي الإسكان والمالية، بنكين ريكاني وفؤاد حسين، على ثقة البرلمان بسهولة، فيما فشل حزب الطالباني في طرح مرشّحه لوزارة العدل. كما شن حزب البارزاني حملة سياسية مؤثرة للاستئثار بمنصب محافظ كركوك، وهي المدينة التي يعتقد الطالبانيون بأنها “قدس الأكراد”، لذلك عدّوها أهمّ معاقلهم. وفيما يتعلق بتوزيع السلطات داخل منطقة كردستان العراق عمد حزب البارزاني إلى إقصاء حزب الطالباني كليّا من المشهد، وذلك من خلال إسناد منصب رئيس الإقليم لنيجرفان البارزاني ومنصب رئيس حكومة الإقليم لمسرور البارزاني، فيما أنعم على حركة التغيير “كوران” بمنصب رئيس برلمان الإقليم. وجرت العادة أن يحصل حزب الطالباني على منصب واحد على الأقل من بين هذه المناصب الثلاثة، وهي الأرفع محليا في كردستان. برهم صالح فشل في استنهاض معارضة سنية شيعية ضد البارزاني برهم صالح فشل في استنهاض معارضة سنية شيعية ضد البارزاني وحاول الرئيس العراقي برهم صالح أن يستنهض معارضة سياسية شيعية وسنية لخطط البارزاني، لكنه وجد أحزاب بغداد ملتزمة بالتعهدات التي قطعتها للزعيم الكردي. وبالرغم من أن البارزاني فقد الكثير من بريقه، بعدما فشلت خططه للانفصال عن العراق، إلاّ أنّ ما أثبته في خلافه الأخير مع الاتحاد الوطني من أنّه الزعيم الكردي الأهم في البلاد يفسر اهتمام الولايات المتحدة وإيران والأحزاب الشيعية والسنية باسترضائه. ويبدو أن الاتحاد الوطني أدرك مؤخرا هذا الواقع، وجنح نحو مفاوضات واقعية مع البارزاني لتخفيف تأثير الخسائر التي خلّفها فوز برهم صالح بمنصب رئيس الجمهورية. وتقول مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب”، إن “مفاوضات الحزبين الكرديين تقترب من تصفير جميع الخلافات بينهما”، مضيفة أن “حزب الطالباني ضمن منصب محافظ كركوك، لكنّ النقاش مستمرّ بشأن مصير وزارة العدل”. وعلى مستوى الإقليم توصل الجانبان إلى اتفاق يقضي باستقالة رئيسة البرلمان الكردي عن حركة التغيير وإعادة انتخاب مرشح من حزب الطالباني لشغل هذا المنصب. وتؤكد المصادر أن البارزاني قدّم بعض التنازلات للحزب المنافس بهدف ضمان دعمه الشامل للمواقف التي تتخذها أربيل في بغداد، أو ما يعرف بـ”وحدة الصف الكردي اتحاديا”.

مشاركة :