مرحباً بك يا فخامة الرئيس

  • 3/2/2015
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

يصل إلى الرياض عاصمة العرب والمسلمين، فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ ليحل ضيفاًعلى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعلى إخوته شعب المملكة العربية السعودية، فمرحباً به ومن معه في بلدهم الثاني وبين أهلهم وذويهم، وأهلاً بكل خطوة أو مبادرة تُتخذ في طريق ائتلاف الأمة وتوحد قياداتها. لا حاجة للحديث عن مكانة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في الأمة والعالم، ولا عن مقام المملكة ودورها في ريادة المسلمين وتأثيرها الكبير على المستويين الإقليمي والعالمي، ولا حاجة للقول كذلك إن الرئيس رجب طيب أردوغان ليس زعيماً عادياً؛ وإنما واحد من أقدر الزعماء الذين عرفتهم تركيا في تاريخها الحديث، وإن الجمهورية التركية دولة من أهم دول العالم ومن أكثرها نمواً اقتصادياً ومن أعظمها تأثيراً في السياسة الدولية. يلتقي الزعيمان والمنطقة تغلي مراجلها في أكثر من ساحة وميدان، والتحديات والمخاطر تحيط بها من كل جانب؛ ففي سوريا تستمر واحدة من أبشع مذابح التاريخ وأكثرها شناعة تحت مرأى العالم كله ومسمعه، الذي يكاد بصمته وتخاذله أن يكون شريكاً في الجريمة، وفي العراق يزداد النظام الصفوي تغولاً ويستمر في مشروعه الدموي لتقسيم العراق وتدمير نسيجه الاجتماعي ونهب ثرواته، كما يستمر مع حليفه الطائفي في سوريا -ومن خلال جهازي استخباراتهما- في رعاية ودعم صنيعتهما البشع تنظيم داعش، الذي لا وظيفة له إلا غدر المقاومة الوطنية الشريفة في العراق وسوريا وطعنها من الخلف، وتشويه صورة الإسلام السني، وإعطاء المبررات للتضييق على المسلمين -وبخاصة السنة- في جميع أنحاء العالم. وفي اليمن يمتد التغول الصفوي ليمكّن عصابة جاهلة وحاقدة من تولي مقاليد الحكم في بلد عريق، والهيمنة على مقدّرات شعب نبيل في غفلة من التاريخ والشرفاء، وفي مصر وليبيا يستمر التطاحن الداخلي وتتعطل عجلات التنمية ويدفع البلدان أثماناً باهضة ستترك آثارها الكارثية لسنوات وسنوات. باختصار شديد، يلتقي الزعيمان والأمة في خطر واللحظة التاريخية تستدعي قيادات تاريخية لمواجهة الأخطار والتحديات وريادة الأمة للنهوض من عثراتها والخروج إلى شواطيء الأمان، وإن الأمة تنظر إلى اللقاء المبارك بترقب شديد وتطلعات كبيرة وطموحات عريضة، والأمل كبير في أن يوفق الله عز وجل الزعيمين الكبيرين لتحقيق تطلعات شعبيهما وطموحات الأمة وآمالها. إن أول ما يجب أن يتوجه إليه الاهتمام هو الملف السوري، ولا بد من اتخاذ خطوات عاجلة لتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره، ولعل من أهم هذه الخطوات: إقناع الدول القادرة بضرورة فرض حظر جوي في جميع الأجواء السورية، ودعم المقاومة الشريفة بكل ما تحتاجه من سلاح وتدريب، وتزويدها بالمعلومات التي تعينها في نضالها المشروع للتعجيل بزوال الطغاة والطغيان، والتنسيق الكامل في الساحة الدولية، وممارسة الضغوط السياسية الكفيلة بتحقيق آمال السوريين. كما أن من أول ما يجب أن يتوجه إليه الاهتمام: توحيد الجهود وتكثيفها لمواجهة الإرهاب الذي تمارسه داعش صنيعة النظاميْن الطائفييْن واجتثاثها من جذورها، وما من شك في أن لدى البلدين الكبيرين من القدرات الذاتية ومن التأثيرالإقليمي والعالمي ما هو كفيل بتحقيق هذه الغايات النبيلة. إن ما جرى ويجري في اليمن لم يكن -وفي أقل الأحوال لم يعد- شأناً داخلياً؛ وإنما تحول إلى معترك طائفي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، وإن من أوجب الواجبات مواجهته بما يليق بخطره من القوة والحزم والاستعجال، وإن البوابة الكبرى لكل ذلك توحيد القوى الوطنية اليمنية ودعمها سياسياً ومالياً وعسكرياً؛ لتكون قادرة على مواجهة البغاة والمتآمرين. وغني عن القول أن من أهم ما يجب أن تشمله محادثات الزعيمين الكبيرين: إعادة الاعتبار لقضية الأمة الأولى (قضية فلسطين)، التي انشغلت عنها الأمة وللأسف الشديد؛ بسبب الصراعات الداخلية، وإعادتها من جديد لتكون محور جميع قضايا الأمة، والعمل الجاد لجمع كلمة العرب والمسلمين للوقوف بشكل قوي وحازم خلف مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة، ودعم مقاومته الباسلة لاستعادة حريته واستقلاله وما سلبه الغزاة الصهاينة من أراضيه. إن من المحزن أن المنظمات العربية والإسلامية، وعلى رأسها منظمة التعاون الإسلامي، لم يعد لها أي دور يذكر في مواجهة هذه التحديات ولا في التصدي لهذه الأخطار؛ ولذلك فإن تفعيل دور هذه المنظمة وتمكينها من القيام بمسؤولياتها التي أُسست من أجلها على الوجه الأمثل يُعَدّ من أهم الأولويات في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة. إن توثيق عرى التعاون بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية التركية، وإبرام اتفاقات استراتيجية في جميع المجالات هو الخطوة الأولى والصحيحة -بتوفيق الله- لإعادة التوازن في المنطقة وتجنيبها الأخطار المحدقة بها، وهو مطلب ملح للشعبين السعودي والتركي؛ فمرحباً بك يا فخامة الرئيس في وطنك الثاني وأهلاً بك بين أهلك ومحبيك، وشكراً جزيلاً لخادم الحرمين الشريفين على مبادرته الكريمة بدعوتك وعلى حرصه على توحيد صفوف الأمة، والله نسأل أن يوفقكما لما فيه الحق والخير، وأن يجمع كلمة المسلمين ويهديهم إلى ما فيه نجاحهم في الدنيا وفلاحهم في الآخرة، وما أحرانا وأولانا جميعاً بالامتثال لأمر الله عز وجل القائل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. 20

مشاركة :