يعد تعدين الذهب بالمواد الكيميائية الضارة، والنفايات التي يخلفها وتاريخها في تدمير النظم الإيكولوجية من الصناعات الملوثة للبيئة. سعت شركة "باريك جولد" التي أسست في 1983 وكانت مسؤوليتها الاجتماعية تتمثل في دعم عمال المناجم في جنوب إفريقيا إلى إثبات أن هناك طرقا أفضل للتنقيب عن المعدن النفيس. مع إعلان شركة باريك سعيها لأن تصبح أفضل شركات تعدين الذهب في العالم من خلال انتهاجها أسلوب عمل بطريقة آمنة ومربحة ومسؤولة، صرح بيتر مانك مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي، أن نجاح الشركة يعتمد على حصولها على رخصة اجتماعية للعمل، وهو المبدأ الذي أسهم في نجاح شركة التعدين الكندية في أكبر دولة منتجة للذهب في العالم، لكنها اضطرت في نهاية المطاف إلى التخلي عن مشروعها الضخم بتكلفة 8.5 مليار دولار" باسكوا لاما ديفيلوبمنت". استثمرت "باريك جولد " في بدايات مشروعها التوسعي في أحد أكثر الأماكن صعوبة حيث ينتشر الفساد والعنف والفقر المزمن. واجه مشروعها "باسكوا لاما" تحديات غير مسبوقة. فعلى ارتفاع 5000 متر فوق سطح البحر، في سلسلة جبال الأنديز الشاهقة على جانبي الحدود بين تشيلي والأرجنتين، واجهت الشركة عديدا من الصعوبات، بسبب المشكلات الصحية الناجمة عن العمل في المرتفعات، ومعارضة المعنيين من السكان المحليين الذين أظهروا قلقهم من استنزاف وتلوث إمدادات المياه، وكذلك خوف الهيئات الدولية لحماية البيئة من إلحاق الضرر بالأنهار الجليدية القديمة. تصاعدت المعارضة المنظمة للمشروع على الرغم من ترحيب حكومتي كل من تشيلي والأرجنتين في البداية، وإنفاق خمسة مليارات دولار على البنية التحتية، والبرامج الخاصة بالتعامل مع المخاوف البيئية والمطالب المجتمعية. في ظل هذه التطورات برزت مشكلة منح التراخيص وارتفاع تكلفة المشروع، وأصبح نجاحه موضع تساؤل مع انهيار سعر الذهب عام 2012، ووجد مونك نفسه وسط العاصفة. تعهد مونك والمسؤولون في "باريك" بالتمسك بمبدأ الشركة القائم على فعل "الصواب" من أجل النجاح. وصرح خلال كلمة ألقاها أمام المساهمين في 2012 قائلا: "ليس كافيا أن تملك الموارد المالية، أو أن يكون لديك احتياطي أو أن تعمل مع أشخاص ماهرين"، وأضاف "إن التوافق الاجتماعي هو العامل الأكثر أهمية في نمو الشركة". أشرت في دراسة سابقة قمت بها مع زميلتي "إيرين ماكورميك" - باريك جولد كوبوريشن: ذا بيرفكت ستورم أين بوسكوا لاما - إلى مقدار القبول المجتمعي المطلوب لتحقيق التوافق، وتعريف مفهوم الصواب. تطبق "باريك" سياسة رد الجميل للمجتمعات التي تعمل فيها. حيث استثمرت في المستشفيات، والأدوية، ومشاريع المياه والتعليم عبر الأمريكتين وإفريقيا وأستراليا وغينيا الجديدة. كما أنشأت المجلس الاستشاري لمسؤوليات الشركة، الذي ينظم برامج الامتثال لحقوق الإنسان الذي تم من خلاله تصنيفها كأفضل الشركات في العالم من حيث الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية من قبل "ناسداك"، ومؤشر "داو جونز" و"كوربورت نايت جلوبال 100". تعاني المجتمعات المحلية في منطقة الأودية في "باسكوا لاما" بين تشيلي والأرجنتين معدلات فقر وبطالة عالية، وتعتمد معظم إمدادات المياه في هذه المنطقة على جريان المياه جراء تساقط الثلوج على جبال الأنديز. قامت "باريك" بالحملات الإعلامية والعمل على زيادة الموارد لمساعدة سكان "هواسكو" في تشيلي، ويأتي ذلك في إطار التزام الشركة تجاه المنطقة، حيث عقدت ما يقارب 1000 لقاء وفتحت أبوابها عشرات المرات للإجابة عن مخاوف السكان المحليين، كما توافقت مع أكثر من 400 من الشروط التي وضعتها لجنة البيئة في تشيلي. وقادت الشركة مشاريع في مجال الصحة والتعليم، وعملت أيضا على بناء المنازل لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تشيلي عام 2010، إضافة إلى ذلك شكلت شراكة مع الحكومة التشيلية لإنشاء صندوق دعم بـ60 مليون دولار في مجال تحسينات المياه طوال فترة عملها في المنجم. ربما كان أكبر خطأ ارتكبته "باريك" حين اعتقدت أنها ستحصل على دعم المجتمعات المحلية عن طريق الحصول على تأييد ودعم الحكومة.
مشاركة :