«الآثار المصرية» تعيد الوجه الحضاري والتاريخي لمقبرتي الورديان

  • 3/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعادت مصر الوجه الحضاري والتاريخي لمقبرتي الورديان، الواقعتين في منطقة آثار كوم الشقافة بمحافظة الإسكندرية، وهي خطوة جيدة تعيد الزخم إلى عروس البحر المتوسط كمدينة ذات طابع تاريخي وأثري مهم. أعلنت وزارة الآثار المصرية قبل أيام إنجازها أعمال إعادة تركيب وترميم مقبرتي الورديان، في منطقة آثار "كوم الشقافة" بمحافظة الإسكندرية، وكانت المقبرتان معروضتين في حديقة المتحف اليوناني الروماني، وجرى تفكيكهما ثم نقلهما إلى منطقة آثار كوم الشقافة خلال عام 2009، ضمن مشروع تطوير وترميم المتحف. في السياق، قام وزير الآثار خالد العناني بتفقد مشروع تطوير منطقة كوم الشقافة، بعد حل مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، والتي كانت تؤثر على المقابر الموجودة هناك. إلى ذلك، أوضح رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم غريب سنبل أن أعمال إعادة التركيب والترميم تمت وفق الأساليب العلمية الحديثة التي يتم اتباعها في مثل هذه الحالات، وهي توثيق الوضع الراهن، والاطلاع على تقارير الفك وسائر أعمال التوثيق المعتمدة خلال عملية الفك، سواء من جبل الورديان أو المتحف اليوناني الروماني، مع استخدام مواد البناء غير الضارة بالآثار. وتابع سنبل: "أعمال إعادة بناء المقبرة الأولى، بدأت نوفمبر 2017، وانتهت بعد عام كامل، ثم انطلقت عملية الترميم الدقيق للأسطح الحجرية"، لافتا إلى تشييد مدخل خاص بالمقبرة لضمان وصول السائحين إليها بسهولة. أما المقبرة الثانية فبدأت أعمال ترميمها وإعادة بنائها مطلع فبراير الماضي، وتم الانتهاء من تركيب وإعادة بناء جميع أجزائها، باستثناء السقف والأعمدة الأمامية التي يجري تجهيزها حاليا. من جانبها، قالت رئيسة الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري نادية خضر إن المقبرتين شكلتا جزءا من مقابر الجبانة الغربية في الإسكندرية (مدينة الموتى)، وكشف عنهما العالم الأثري "برتشيا" في منطقة الورديان خلال العقد الأول من القرن العشرين، حيث كانتا منحوتتين في الصخر الطبيعي على طراز مقابر الحجرات، وتتميزان بتكوينهما المعماري والزخارف الملونة، وتم نقلهما عام 1952، بهدف العرض في حديقة متحف اليونان الروماني. وترجع المقبرة الأولى إلى العصر البطلمي، حيث تتضمن غرفة دفن ذات سقف مقبى يحمل بقايا ألوان، كما تحتوي على تابوت واحد ذي مسند رأس، وتتميز جدرانها بزخارف هندسية طولية وعرضية، ويوجد في منتصفها مذبح. أما المقبرة الثانية فتعود إلى العصر الروماني، وتضم حجرة الدفن فيها مدخلا بدعامتين، يعلو كل منهما تاج دوري بسيط، ويستند عليهما عقد كبير، سقفه على هيئة نصف قبة، كما تحتوي على 3 توابيت. يشار إلى أن المصادفة هي التي قادت إلى اكتشاف أكبر مقبرة رومانية في مصر عام 1900، يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي، وتقع في منطقة "كوم الشقافة" غربي مدينة الإسكندرية، حيث ساعد حمار في اكتشافها، بعد فشل المجهودات العلمية التي استمرت 8 أعوام، ما فتح الباب أمام الدراسات التاريخية والأثرية لمعرفة ملامح الإسكندرية خلال العصر الروماني. الأهمية التاريخية لمدينة الثغر تُعرف الإسكندرية بـ"مدينة الثغر" و"عروس البحر المتوسط"، ولها أهمية تاريخية وأثرية تجعلها مقصدا للسائحين من كل دول العالم، حيث تعتبر الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر، وكانت عاصمتها قديما، وتقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول 55 كيلومترا شمال غرب دلتا النيل. وتضم المدينة العديد من المعالم المميزة، منها مكتبة الإسكندرية الجديدة التي تتسع لأكثر من 8 ملايين كتاب، كما تضم العديد من المتاحف والمواقع الأثرية مثل قلعة قايتباي وعمود السواري وغيرها. وبدأ العمل على إنشاء الإسكندرية على يد الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، عن طريق ردم جزء من المياه، يفصل بين جزيرة ممتدة أمام الساحل الرئيسي تسمى "فاروس" بها ميناء عتيق، وقرية صغيرة اسمها "راكتوس"، واتخذها الإسكندر الأكبر وخلفاؤه عاصمة لمصر لما يقارب ألف سنة، حتى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص سنة 641. واشتهرت المدينة عبر التاريخ من خلال العديد من المعالم، مثل مكتبة الإسكندرية القديمة، التي كانت تضم ما يزيد على 700 ألف مجلد، ومنارة الإسكندرية التي اعتبرت من عجائب الدنيا السبع، لارتفاعها الذي يصل إلى 120 مترا، وظلت قائمة حتى دمرها زلزال قوي عام 1307. ويرى المؤرخون أن اختيار الإسكندر لمدينة الإسكندرية لتكون عاصمة لدولته، استهدى فيه بتوجيه معلمه الروحي هوميروس في ملحمة "الأوديسة"، حيث ذهب "تليماك" ابن "أودسيوس" ملك إيثاكا، إلى مينيلاوس ملك إسبرطة، يسأله إن كان يعرف شيئاً عن مصير والده المختفي، فحكى مينيلاوس عن أهوال الحرب وشجاعة ملك إيثاكا وجيشه المفقود، وأنه بعدما أضنى التعب جيوشهم، بلغوا شواطئ مصر، عند جزيرة فاروس، وهناك كما يقول ملك إسبرطة: "ارتوينا من كوثر هذه البلاد التي تجري من تحتها الأنهار".

مشاركة :