بعد مضي فترة زمنية قصيرة على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، تفاوتت النتائج والحلول، وترتب على هذا التحول في مصائرهم السياسية والاقتصادية خلل كبير وانهيار مكلف وباهظ الثمن، ولكنهم سيعبرون بهذه الأزمة عن طريق العراق لإيجاد مخرج، وبهذه الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني لبغداد شهدت توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية وأخرى بمجال التعاون الصحي والضغط على العراق لدفع ديونها الخارجية، وهنا يكمن محور الزيارة بالتحايل على العقوبات الأمريكية. وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن «روحاني طرح فكرة، تقضي بأن يقوم العراق بتسديد ديون إيران الخارجية إلى الدول الغربية، وفق الاستحقاقات المترتبة، بدلًا من أخذ تلك الأموال من العراق ودفعها إلى الدول الدائنة، وذلك هربًا من مسألة الدولار والمنع الحاصل من الولايات المتحدة بشأن ذلك». بعد أن أوشكت إيران على الغرق تحركت شياطينها في الاتجاهات القريبة التي تحكم سيطرتها على مفاصلها الحيوية في العراق، لتخفيف حدة العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، فالمواقف ذاتها تعيد صياغة السيطرة الإيرانية على مقدرات العراق النفطية الخاضعة لقيادة طلائع نظام الملالي، وهذه المحاولات لشرعنة استحواذها عليها وممارسة ضغوط مباشرة على الكوادر العراقية، بعد تأهيل المواقع المكتشفة لتحقيق مكاسب على حساب العراقيين. أما بالنسبة للأسباب الداعية فهي واضحة بما يكفي، فعندما تستخدم حكومة روحاني نفوذها، ويعود ذلك بفائدة كبيرة على الاقتصاد الإيراني يمكن إدراجه حرفياً بأنه يسير في اتجاه مزدوج. لذلك سيكون التفسير الوحيد لهذه الأفعال هو محل تعاون من بعض القيادات في العراق التي تعمل لصالح طهران وفق معايير متفق عليها مسبقة، فلم تعد تلك الوثائق موجودة التي تحمل بين طياتها سيادة وحقوق الشعب العراقي، وداخل بنائها نظام إرهابي وانتهازي يقوده نظام طهران ليحدّد وحدات ويصفها بعلاقات، وما لبث أن يترك عبر الزمن بصماته وآثاره داخل النسيج الاجتماعي حتى شارك العراق بنحو 23 حقلاً، إن التاريخ سجل استغلال إيران لتلك الحقول مع العراق، ترتب عن ذلك عام 2009 سيطرة على حقل الفكة في محافظة ميسان، قرب المنطقة الحدودية بين البلدين، وبعد وقائع وأحداث متنوِّعة من الصراعات ارتفعت وتيرة الرفض من الجانب العراقي فانسحبت إيران. وانطلاقاً من ملاحظة جوهرية تحمل سخط كبير على زيارة مدفوعة الثمن والقيمة لدولة ترعى الإرهاب وعليها عقوبات دولية تستولي على النفط العراقي، وبحسب إحصاءات إيرانية، فإن طهران تنتج نحو 68 ألف برميل من النفط الخام يوميًا من 4 حقول مشتركة مع العراق، وهي دهلران ونفط شهر وبيدر غرب وأبان، في حين تستمر أعمال الحفر في الحقول الأخرى. هكذا بدأت سياسة إيران تتراجع وتعزف على وتر دول المنطقة والحوار والعلاقات مع دول الخليج بعد العقوبات الأمريكية، وتجييش العقول ضد وجود الأجانب في المنطقة وإقناع الشعوب بعداء أمريكا، وهذا ما عبّر عنه روحاني بأن العلاقة بين إيران والعراق «لا يمكن مقارنتها بدولة محتلة مثل الولايات المتحدة، المكروهة في المنطقة، القنابل التي أسقطها الأمريكيون على العراقيين والشعب السوري وبلدان أخرى في المنطقة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، وسيبقى الموقف الأخوي الإيراني تجاه بلدان المنطقة في الأذهان». وهناك أيضاً مزاعم أخرى مفادها أن تقوية العلاقات بين الحكومتين والشعبين العراقي والإيراني، وإيجاد الإمكانيات المشتركة الاقتصادية وفي مجال النقل كذلك يمكن لإيران أن توجد ربط جيد بين (بحر عمان والعراق)، والحقيقة ذات الأهمية القصوى هو البحث عن منافذ للهروب من العقوبات، ولا حاجة هنا لتقديم أي حسن نيَّة تجاه هذه الدولة ونظامها.
مشاركة :