استقبل البابا فرنسيس اليوم السبت، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء اتحاد التعاونيات الإيطالية.ووجّه الأب كلمة رحّب بها بضيوفه، قائلا إن السنوات المائة لعملكم هي هدف مهم بالنسبة لكم، هي تمثل مسيرة يمكنكم أن تشعروا بالامتنان عليها لكل ما حقّقتموه مستلهمين من نداء الرسالة العامة "الشؤون الحديثة" للبابا لاوون الثالث عشر. تابع الأب الأقدس يقول إنَّ تاريخكم ثمين لأنّه يولد من أخذكم على محمل الجدّ لكلمات الأب الأقدس وجعلها ملموسة من خلال التزام جاد وسخي يدوم منذ مئة عام. إنها علامة رجاء قويّة عندما لا تبقى العقيدة الاجتماعية للكنيسة مجرّد كلمة ميّتة أو خطاب تصوّريّ، بل تصبح حياة بفضل رجال ونساء ذوي إرادة صالحة يجسّدونها ويحوِّلونها إلى تصرفات شخصيّة واجتماعية ملموسة ومرئيّة ومفيدة. واليوم أيضًا لا تحتاج الكنيسة لأن تقول الحقيقة بصوت عال وحسب وإنما هي تحتاج لرجال ونساء يحوّلون إلى خيور ملموسة ما يعظ به الرعاة ويعلّمه اللاهوتيون.أضاف البابا فرنسيس؛ إن نموذجكم التعاوني، وإذ يستلهم من العقيدة الاجتماعية للكنيسة، يصلح بعض نزعات الجماعيّة والدولانيّة التي غالبًا ما تكون مدمِّرة إزاء المبادرات الخاصة؛ والتي في الوقت عينه توقف تجارب الفردانية والأنانيّة في الليبراليّة. لذلك فإن النموذج التعاوني الاجتماعي هو أحد القطاعات الجديدة التي يتمركّز عليها التعاون لأنّه يمكنه أن يجمع منطق المؤسسة من جهة ومنطق التضامن من جهة أخرى: تضامن داخلي مع الشركاء وتضامن خارجي مع الأشخاص.ولا يجب أن ننسى أبدًا أنَّ رؤية التعاون هذه، التي تقوم على العلاقات وليس على الربح، تسير بعكس ذهنيّة العالم. وبالتالي فإن اكتشفنا أن غنانا الحقيقي هو العلاقات ولا الخيور المادية وحسب نجد عندها أساليب بديلة لنعيش ونقيم في مجتمع لا يحكمه الإله المال، صنم يوهم المجتمع ومن ثمَّ يتركه أكثر ظلمًا ولا إنسانيّة. أشكركم على عملكم المُلزم الذي يؤمن بالتعاون ويعبّر عن الإصرار في الحفاظ على بشريّتنا في عالم يريد أن يحوّل كل شيء إلى سلع.مستطردًا: لكن العائدة الأهم والبديهية للتعاون هي التغلّب على الوحدة التي تحوّل الحياة إلى جحيم. عندما يشعر الإنسان أنّه وحده يختبر الجحيم؛ ولكن عندما يشعر بأنّه ليس متروكًا يصبح من الممكن له أن يواجه جميع أشكال الصعوبات والتعب. فبالسير والعمل معًا نختبر أعجوبة الرجاء الكبيرة: إذ يبدو كل شيء ممكنًا من جديد. وبالتالي يمكننا هكذا أن نقول إن التعاون هو أسلوب آخر للتعبير عن القرب الذي علمنا يسوع إياه في الإنجيل. أن نقترب من الآخرين يعني أن نمنع الآخر من أن يصبح رهينة لجحيم الوحدة. لا يمكننا أن نقف غير مبالين إزاء هذه المأساة؛ على كلِّ فرد منا، كلٌّ بحسب إمكانياته، أن يلتزم لكي يزيل جزءًا من وحدة الآخرين.
مشاركة :