أنهى المؤتمر العالمي الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة أعماله في الأسبوع الماضي،برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- وصدر عن المؤتمر رسائل وتوصيات دقيقة تشي بأن العالم الإسلامي يقف صفًّا واحدًا للتصدّي لظاهرة الإرهاب التي استشرى خطرها، وباتت وصمة تُلصق بالإسلام والمسلمين زورًا وبهتانًا؛ بسبب تصرفات هوجاء تصدر عن مجرمين يحاولون أن يصوّروا للعالم أنهم يمثّلون الإسلام الذي تبتعد تصرفاتهم عنه بُعد المشرق عن المغرب. وقد حوت الكلمة الضافية لخادم الحرمين الشريفين إشارات ودلالات عدّة، وقد ألقاها بالإنابة عن مقامه الكريم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، بفصاحته المعهودة. ومن أهم تلك الإشارات والدلالات أن موقف المملكة ثابت ولا يتغيّر في مواجهة الإرهاب والإرهابيين بكل حزم، وأن المملكة في هذا الاتجاه ترفض «التقاعس» أو «الحياد». والحق يُقال وتأسيسًا على هذه المقولة الصادقة للملك المفدى فإن التقاعس الدولي، وحياد بعض الدول العربية والإسلامية شكّلا السبب الرئيس لاستفحال خطر الإرهاب ، الذي أصبح تداركه اليوم أمرًا صعبًا ومعقدًا للغاية، ولابد أن نذكر للتاريخ أن المملكة كانت أولى الدول في التصدّي للإرهاب بوسائل عدة، أصبحت نماذج تُحتذى في العالم كله، ومن الإشارات المهمّة في كلمة الملك دعوته المجتمع الدولي لوضع إستراتيجية فاعلة لمكافحة الإرهاب، الذي وصفه بأنه «داء صنعه الفكر المتطرف»، فبدون هذه الإستراتيجية تبقى جهود العالم في مكافحة الإرهاب مبعثرة إن لم نقل إنها قد تصبح في مهب الريح، كما أوضح -حفظه الله- أن الإرهاب الذي يعاني منه العالم اليوم «متأسلم»، أي مستتر بعباءة الإسلام التي لا تشمله، لذلك فقد أعطى الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام أن يحاولوا النَّيل منه عن طريق شحن الرأي العام بكراهية المسلمين كافة، ولا أدل على صحة هذه المقولة ممّا حدث مؤخرًا في بعض الدول الغربية، ومنها أمريكا من اعتداءات إجرامية على المسلمين الأبرياء، ومن أهم وسائل التصدّي للإرهاب والحد من انتشاره بيان سماحة الإسلام وتسامحه ونبذه للعنف والقتل والجريمة، وذلك لا يكون إلاّ بتأصيل شرعي رصين من قِبَل علماء الأمة، وهو ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين في كلمته بكل وضوح وأشاد بتصدّي علماء المملكة بالرد الحاسم على ما يبثه الإرهابيون من مسوغات دينية يخدعون بها الناس، وقد حذّر العلماء من تبعات العنف والتطرّف والغلوّ في الدِّين وتحزيب الأمة، والخروج عن ولاة أمرها، وبيّنوا أن الوسطية والاعتدال والسماحة هي سمات الإسلام ومنهاجه القويم. لقد شكّلت هذه الكلمة الموفقة لخادم الحرمين الشريفين بحق وثيقة تأريخية محكمة، يرجع إليها بالدرجة الأولى في كل جهود مكافحة الإرهاب. Moraif@kau.edu.sa
مشاركة :