«الخطر السوسيولوجي».. نحو تحرير علم الاجتماع من الأيديولوجيا

  • 3/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صدرت مؤخراً عن منشورات مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء، الترجمة العربية لكتاب «الخطر السوسيولوجي: في نقد خطاب الحتمية الاجتماعية» لصاحبيه جيرالد برونير وإتيان جيان. وكان هذا الكتاب قد أحدث رجَّة عنيفة في الوسط الثقافي الفرنسي لحظة صدوره قبل عام ونيف، والكتاب مُرافعة من أجل الدفاع عن علمِ اجتماعٍ متحررٍ من الأيديولوجيا، وبرأي المترجم الدكتور حسن أحجيح، فإن المؤلفين يعتقدان أن هذا العلم الاجتماعي المتحرر من الأيديولوجيا هو علم الاجتماع التحليلي الذي يرتكز في مقارباته للحياة الاجتماعية على الفردانية المنهجية والمنظور الفهمي. ويقيم هذان الباحثان خطابهما على الحاجة العلمية الراهنة إلى المقاربة المتعددة التخصصات التي تشدد على ضرورة القضاء على سياسة الفصل بين العلوم التي ينهجها أنصار علم الاجتماع الحتمي، ولذلك نلاحظ كيف يستعينان بتخصصات معرفية عدة، منها بالخصوص العلوم المعرفية وعلوم الأعصاب والدماغ وعلم النفس التجريبي والتطوري والاقتصاد، من أجل البرهنة على تهافت علم الاجتماع الذي يراهن على فعالية مبدأ «تفسير الاجتماعي بالاجتماعي». وقد استند الباحثان في نقدهما لعلم الاجتماع المستلهِم للنظرية الدوركهايمية (نسبة إلى عالم الاجتماع الشهير إميل دوركهايم)، لاسيما لعلم الاجتماع كما يمارسه بيير بورديو، وبيير لايير، إلى حجج عديدة يمكن تلخيصها في ما يلي: * حجة الخطر الأيديولوجي يعتقد الباحثان، على منوال تقليدٍ سوسيولوجيٍّ قديمٍ يعود إلى بدايات علم الاجتماع، أن للعلم الاجتماعي رسالةً علميةً، وبالتالي يجب على ممارسيه ألا يجعلوا أحكامهم التي تهدف إلى الحقيقة تابعةً إلى الأفكار التي يحملونها عن الخير، الشيء الذي يعني في رأيهما تخليصُ الممارسة السوسيولوجية من التسييس الذي تخضع له تحت قناع «علم الاجتماع النقدي». ذلك أن علم الاجتماع يفقد طابعه العلمي باسم مجموعة من المبادئ الأخلاقية أو القيم السياسية. * حجة الحتمية يرى برونر وجيان أن علماء الاجتماع الحتميين متفقون على أنه إذا كان هناك تفسير للسلوك البشري، فإنه يقوم على تحديد الأنماط المتنظمة للحياة، وإن هذه الانتظامات تسببها قوى تفلت من سيطرتنا وإدراكنا. يقول المترجم إن برونر وجيان يحاولان البرهنة على أن تفسير الظواهر الاجتماعية يوجد في المبررات التي بموجبها يتصرف الأفراد أو يحجمون عن التصرف. فهما يهتمان بالدوافع والمعتقدات والمعارف والعادات العقلية والعادات العملية لفهم السلوكات، وبالتالي لتفسير الظواهر الاجتماعية التي تنتجها. لذلك فإن الموضوع الذي يدرسه علم الاجتماع يستلزم، حسب رأيهما، إجراء قطيعة مع نوع المقاربات التفسيرية التي يمكن استعمالها في البحث الطبيعي، حيث يقترحان أن التفسير الحتمي، أي القائم على القوانين، مستحيل أو غير قابل للتطبيق في حقل العلوم الاجتماعية.

مشاركة :