كتب - أحمد سيد: انطلقت أمس فعاليات مؤتمر الدوحة الخامس للمال الإسلامي، تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والتي تعقد تحت شعار «التمويل الإسلامي والعالم الرقمي»، وينظمه شركة بيت المشورة للاستشارات المالية. وبحث المؤتمر آليات لوضع رؤية استشرافية لإمكانية بناء مصرف إسلامي رقمي متكامل بأبعاده الشرعية والتنظيمية والقانونية، وفق رؤية شرعية مقاصدية، في ظل تسارع القطاعات المالية اليوم، ومنها المصارف الإسلامية، نحو التحول للتكنولوجيا المالية الرقمية، ويتطرّق كذلك إلى الاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة، والأنظمة الإلكترونية في المصارف الإسلامية وتحدياتها في ظل العالم الرقمي. وقال سعادة السيد علي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة: إن بلادنا تعد اليوم واحدة من أكثر اقتصادات المنطقة استقراراً وتنافسية وتنوعاً بفضل السياسات الممنهجة التي أرستها قيادتنا الحكيمة بهدف جعل دولة قطر دولة متقدّمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة بحلول العام 2030 وأضاف: إنه في إطار هذا التوجه نجحت الدولة في تعزيز مساهمة القطاعات كافةً في مسيرة النهضة الاقتصادية الشاملة وتحقيق خطوات كبيرة في سبيل تنويع الاقتصاد الوطني وذلك بما يتماشى مع استراتيجية التنمية الوطنية 2018-2022 والتي تهدف إلى تعزيز نمو القطاعات الحيوية وفي مقدّمتها الصناعة والخدمات المالية والسياحة فضلاً عن توجّهها نحو تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ودعم دور القطاع الخاص من خلال تشجيع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في المشروعات التنموية الكبرى ومن أهمها قطاعات الأمن الغذائي والتصنيع والصحة والتعليم. وأشار وزير التجارة والصناعة إلى أن هذه التوجّهات انعكست بشكل إيجابي على معدلات نمو الاقتصاد الكلي حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يواصل الاقتصاد القطري أداءه القوي خلال السنوات القادمة محققاً نمواً بنحو 3.1% في العام 2019 وذلك بالتوازي مع نمو القطاعات غير النفطية والتي بلغت مساهمتها حوالي 6% في النصف الأول من العام 2018. سياسات حكيمة ولفت سعادة السيد علي بن أحمد الكواري إلى إشادة صندوق النقد الدولي بالسياسات المالية الحكيمة التي انتهجتها بلادنا من خلال ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لبنك قطر المركزي إلى حولي 50 مليار دولار في العام 2018 فضلاً عن تحسّن نمو القطاع المالي بشكل ملحوظ مع توجه البنوك في دولة قطر نحو مزيد استقطاب التدفقات المالية الأجنبية. وقال: إن قطاع التمويل الإسلامي شهد تطوراً ملحوظاً على المستويين الدولي والمحلي حيث تشكّل الأصول المصرفية الإسلامية اليوم أكثر من 26% من إجمالي أصول النظام المصرفي في دولة قطر، هذا وتصنّف المصارف الإسلامية القطرية ضمن أكبر المصارف الإسلامية في العالم كما تعتبر دولة قطر خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي حيث بلغت الأصول المصرفية فيها حوالي 120 مليار دولار بمعدل نمو تجاوز 10%. وأشار إلى أن المصارف الإسلامية في دولة قطر تشكّل عنصراً مهماً وحيوياً في سوق التمويل الإسلامي، وقد أرست الدولة في السنوات الأخيرة خططاً طموحة لتعزيز قدراتها وذلك من خلال تشجيعها على طرح منتجات وخدمات مالية إسلامية مختلفة عبر الاستفادة من الفرص الواعدة التي توفّرها مشاريع البنى التحتية الكبرى والتي يتم تنفيذها في إطار رؤية قطر الوطنية 2030 وتنظيم فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022. كما تسعى الدولة إلى تشجيع البنوك الإسلامية على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتطوير وتوسيع أنشطتها وخفض التكاليف خاصةً في ظلّ دعوة العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية إلى وضع السياسات اللازمة من أجل تطوير التمويل الإسلامي وتعزيز قدراته ليتمكن من منافسة نظيره التقليدي في الأسواق المالية العالمية وذلك من خلال توفير الآليات الداعمة للمعاملات عبر الحدود وتطوير منتجات أسواق رأس المال والصكوك للمساعدة في تمويل مشروعات البنى التحتية. التكنولوجيا المالية وأكد وزير التجارة والصناعة أنه من هذا المنطلق تؤدي التكنولوجيا المالية “Fintech” دوراً مهماً في مجال تطوير التمويل الإسلامي وتعزيز مكانته في الأسواق العالمية، وعلى الرغم من مختلف المخاطر والتحديات المترافقة مع هذا التوجه، إلا أن بلادنا تدرك أهمية هذه التكنولوجيا كأداة استراتيجية من شأنها تغيير معادلات ومراكز القوى في الأسواق المالية العالمية لصالح قطاع التمويل الإسلامي خاصةً في ظل تنامي حاجة الاقتصاد العالمي إلى نظام قادر على الموازنة بين تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة والمتطلبات الإنسانية، لذلك فنحن واثقون في قدرة مؤسساتنا المالية الإسلامية على رفع مختلف التحديات ومواكبة التحولات التي يشهدها عالمنا اليوم، لاسيّما أن التمويل الإسلامي يرتكز في أساسه على مبادئ ديننا الحنيف القادرة على استيعاب كافة المستجدات الحياتية وفق أصول ومقاصد الشريعة الإسلامية. د. أنور بن إبراهيم: أهمية التركيز في المستقبل على بناء البشر والمجتمعات الدوحة - الراية: أكد الداتو سيري الدكتور أنور بن إبراهيم رئيس مجلس إدارة المعهد العالمي للفكر الإسلامي، في كلمته، على أهمية التركيز في المستقبل على بناء البشر والمجتمعات وتثقيفهم إلكترونيًا وتعزيز قدراتهم حتى يتسنى للمجتمعات لاسيما الإسلامية، مواكبة التطورات التي يشهدها العالم، منوهًا بضرورة تثقيف وتعليم الاقتصاديين والمصرفيين والشباب بهذه التكنولوجيات الحديثة والنظر إلى الأفكار المتجددة مع التركيز على الأساس الأخلاقي للشريعة الإسلامية. وأشار إلى أنه لا يمر يوم إلا وقادة المال يتحدثون فيه عن الثورة الصناعية الرابعة آخذين في الاعتبار النظم الحوسبية التي بإمكانها أن تجلب متغيرات مهمة وغير مسبوقة في كافة القطاعات وبالأخص القطاع المالي، منوها بضرورة النظر إلى التكنولوجيا والوقوف على كافة الأمور السلبية وتجنبها. ونوه بأهمية وضرورة توفير المؤسسات الإسلامية التي تتعامل مع التمكين الاقتصادي والابتكار، لسياسات مميزة أو بعض البرامج التي تستند إلى الخبرة التجريبية بحيث يمكن استخدامها كحلول إسلامية من أجل الخروج من الفقر ووضع حد له، وكذلك دعم الأسر والقضاء على المجاعات وتحقيق مبدأ استدامة المجتمعات، بما يضمن تحقيق المساواة بين الأمم. وفيما يتعلق بالقطاع التكنولوجي، أشار إلى أن التمويل الإسلامي وضع نفسه كلاعب أساسي في هذا النظام وبإمكانه أن يكون له نصيب كبير فيه لكن عليه أن يتجاوب مع التغيرات التي تواجهه، بجانب التركيز على مراعاة الخصوصية وثقة العميل، لاسيما وأن مقاصد الشريعة الإسلامية بإمكانها أن تكون حجر الأساس لتوسيع دائرة التعامل.
مشاركة :