يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ويصف الحق جلَّ في علاه في كتابه المبين نبيه الأمين في سورة القلم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فتمام مكارم الأخلاق هي من أهداف الرسالة المحمدية، وعنوان سامق لصفات حبيبنا وقدوتنا، ولديننا الحنيف. والأخلاق هي مجموعة القيم والمبادئ، والسجايا، والطِّباع التي بواسطتها يتعامل الفرد مع مجتمعه، وقيل بأنها من أعمال القلوب وصفاته، ونقل عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز «كونوا دعاة للحق وأنتم صامتون، قيل: كيف؟، قال: بأخلاقكم». وفي ظل الاحتقان المتنامي في الوسط الرياضي، والذي تعاظم مع «درعمة» المغردين الخارجين عن النص في «تويتر»، وتعدد البرامج الرياضية الواقعة رهينة بأيدي ثلة متعصبة من مذيعين، ومعدين، وضيوف فإننا نفرح بتسجيل نادٍ، أو مدرج، أو نجم مشهور لموقف إنساني يُرسّخ مبادئ التنافس الرياضي، والأخلاق الرياضية الحقة. ولذا فقد سعدت كغيري، وأنا أقرأ ردود الفعل المتعاطفة على نطاق واسع من الهلاليين على مختلف فئاتهم مع إصابة النجم الخلوق إبراهيم غالب - شفاه الله -، وردّه الى الملاعب سالماً يواصل ركضه بتألق ونجومية.. فهذا الرئيس المستقيل الأمير عبد الرحمن بن مساعد، ومعه الرئيس الحالي الأستاذ محمد الحميداني، وقبلهما، وبعدهما عديد من الجماهير الهلالية، والإعلاميين المحسوبين على الهلال يسارعون في كتابة دعواتهم، وأمانيهم الصادقة بالشفاء العاجل للنجم غالب، بل وذهبت بعض الجماهير الهلالية إلى وضع صور اللاعب، وتصاميم خاصة له كُتبت عليها الدعوات له بالشفاء والعودة السريعة للملاعب في سلوك حميد نابذين التعصب وراء ظهورهم في أجمل مواساة لنجم منافسهم التقليدي. هذا هو الهلال، وهذه هي أخلاق محبيه وجماهيره، ولعلي أستعيد ليلة «نيشمورا» الكئيبة تحكيمياً عندما نحر ذلك الياباني العدالة على أرض استاد الملك فهد الدولي في مشهد مخزٍ لكرة القدم قبل أن يكون له، وللاتحاد الآسيوي، وهو يستفز الهلاليين بقرارات غريبة لا تمت للتحكيم بصلة أضاعت على فريقهم لقباً آسيوياً مستحقاً بشهادة الخبراء والمختصين.. وبالرغم من هذا كله، فإنه غادر الملعب، والرياض دون أن يتعرَّض له أحد، ولم تسجل ضد الجمهور الهلالي عقب المباراة أية حالة انضباطية تمثّل خروجاً عن النص ضد الحكم.. وفي ذلكم قمة الوعي والمسؤولية الأخلاقية للمدرج الهلالي الحكيم. والوفاء يحضر في تعاملات الهلاليين فيما بينهم، وفي ذلكم قمة الحضور للأخلاق، والوفاء في المعنى اللغوي: يعني الخلق العظـيم الـدال علـى التمـام والإكمال، وللدلالة على ذلك نسترجع حضور الرئيس المستقيل عقب تقديمه ورقة الاستقاله في المدرج لمؤازرة، ودعم الفريق واللاعبين في مستهل المشوار الآسيوي أمام الفريق الأوزبكي، ونستحضر ما قام به الأستاذ حسن الناقور عضو الإدارة المستقيل بالأمس عندما اشترى جميع التذاكر المخصصة للجمهور الهلالي في مباراة السد بالدوحة، وقدمها بالمجان للجماهير. أكرر: هذا هو الهلال، وهذه هي أخلاق محبيه وجمهوره. ختاماً، قال أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تستقم إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلاً أخيـراً: كتب المؤرخ الرياضي، والكاتب الصحافي المخضرم الزميل صالح الهويريني مغرداً: «على جماهير الهلال ألا تنساق خلف تغريدات الإعلاميين التي تُوجه ضد الهلال أو التعليق عليها، اهتمامكم بتلك التغريدات يرفع من شأن أصحابها ويحقق أهدافهم».
مشاركة :