ثانيا: طب الأعشاب في بابل وآشور: 1- استطاع الملك آشور بانيبال أن يجمع الكثير من المعلومات الطبية، ويحفظها من الضياع، وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلادي، وقد قام الأستاذ الأثري (كامبل تومسون) بدراسة الآثار وجمعها في كتاب تحت اسم «الأعشاب الآشورية» وذكر فيه أكثر من مائتين وخمسين صنفًا من الأعشاب والعقاقير النباتية. 2- في مدينة سومر العراقية، وجد علماء الآثار لوحة قديمة كتبت عليها بالسومرية اثنتا عشرة وصفة طبية، وكادت تكون أول دستور للأدوية في العالم بأسره ومن الوصفات التي جاءت بها لعلاج الصداع، وصف نصف مقياس من بذور الخردل المسحوق معجون بماء الورد وتوضع فوق الرأس وتغطى برباط مدة ثلاثة أيام ثم تزال الربطة. 3- كان الطب القديم عند البابليين يشوبه شيء من الكهانة والسحر لأن المرض عندهم كان يعتبر عقابًا إلهيا على ذنوب ارتكبها المريض، ولم يكن أحد ليحاسب الكاهن أو الساحر على أي خطأ قد يرتكبه في علاج مرضاه 4- بينما يعاقب الطبيب الجراح الذي يخطئ في ذلك الوقت والذي يخطئ في علاجه وجراحاته لأنه يعمل بيديه لا بقوة كهنوتية أو سحرية فشريعة الملك حمو رابي تنص على أن الجراح إذا ما استعمل مشرطه وأخطأ في استعماله تقطع يده، وإذا تقاضي أكثر مما يستحق يعاقب بالحبس. 5- لقد نظمت شريعة حمو رابي أسعار الخدمات الطبية وأجور الأطباء المعالجين، وفرضت عقوبة على الحاضنات والمرضعات اللاتي يهملن العناية بالرعاية. 6- كان في وادي الرافدين العراقية ثلاثة مذاهب للعلاج والتطبيب منها ما يلي: أ‌- المعالجة بالفصح (الطب الوقائي) ب‌- المعالجة بالتشخيص ووصف بعض الأدوية النباتية والحيوانية والمعدنية وما يعرف (بالطب المزاجي الطبيعي) جـ- المعالجة بالسحر والطلاسم (الطب النفسي). وقد نفر الأطباء الآشوريون من تناول المسكرات وعالجوا مرضاهم بالمس وعرفوا الجراحة واستخدموا الحشيش والأفيون للتخدير عند إجراء العمليات، وكان أهل المرضى إذا عجزوا الأطباء عن مداواة مريضهم يضعونه في الأماكن العامة أو الساحات رجاء أن يمر به من كان قد أصيب بمثل ما أصاب فيصف لهم العلاجات المطلوب. 7- وإجمالا فإن الطابع الغالب على الطب لدى البابليين والآشوريين هو نوع من الكهنوتية والسحر ويعتقدون أن الأمراض نتيجة غضب الآلهة على المريض. 8- وكان علاج المرضى والمصابين باستخدام الأعشاب والنباتات كالزنجبيل والكركم ودهون الحيوان للمساج والفرك أو تناول بعض الأعشاب المتوافرة لديهم أو الكي. ثالثا: طب الأعشاب لدى الصينيين ويرجع تاريخ العلاج بالأعشاب والنباتات إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، ويعد الطبيب الصيني (واي بويانج) المشهور من أقدر الأطباء الصينيين القدامى كما كان يعتبر الحكيم الصيني (شان تونج) المشهور بالإمبراطور «فيويو» أول باحث صيني عن خواص النباتات حيث كان يختبر تأثيرها على نفسه، وأما جل اعتماد الصين القديم في العلاجات على الأدوية النباتية والكي والوخز بالإبر الصينية التي يعتنون بدراستها وعلاج التشريح وعلاج المصابين من وقت إلى آخر. * أعمال في مجال الطب الباطني 1- قدم الصينيون أعمالا طبية في الأمراض الباطنية وعرفوا بعض الآلات الجراحية البسيطة ويذكر الدكتور أحمد شوكت الطشي في كتابه (تاريخ الطب وآدابه وأعلامه) أن الطبيب الصيني هو ما يعرف بالكي النقطي ويدعى (IGNIPUNCTURE) 2- ويعرف الكي النقطي وأساسه غرز إبر محمية في الجلد لذا يلزم محترف مهنة الكي النقطي أن يفهمها ويتعلم أسماءها، ويدري تمامًا مواضعها ولكل منها في تصورهم علاقة بجزء من أجزاء الجسم. 3- ويقال إن الصينيين عرفوا ممارسة جس النبض، وما يحصل من تغيرات بسبب المرض كما أنهم كانوا يعتقدون أن من أسباب المرض وجود الحر والبرد والجفاف والرطوبة، لذا عرفوا أن أمراض الصدر والرئتين تأتي عادة في فصل الشتاء، بينما تأتي الحميات في فصل الخريف والصداع والأمراض النفسية في فصل الربيع وأما الأمراض فتظهر في فصل الصيف وأوقات الحر واللاهوب. 4- ويمكن القول إن الطبيب الصيني امتاز عما كان لدى الأمم السابقة، وذلك بالاعتماد على بعض المعارف والعلوم الخالية من الخزعبلات، والتركيز على استخدام الوخزات الإبرية في علاج شتى الأمراض. 5- وكان في الصين القديمة كتاب (بن تساو) يحوي أكثر من 365 عشبة للعلاج ثم الوقاية من الأمراض المنتشرة وضمن ما جاء به من أعشاب وصف دقيق لخصائص الأفيون والقنب والقرطم وجوزة الطيب وهو (الهندباء ومحليا اليازبوة) [الهوامش: قصة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية: تأليف الأستاذ الدكتور راغب السرجاني - مصر - مارس 2013م، كل شيء عن طب الأعشاب: الأستاذ شاركغرد، موقع طب ويب، التداوي بالأعشاب: موقع المعرفة وأنظمة الطب البديل، منتدى الطب النبوي: العلاج بالأعشاب قديما وحديثًا، التداوي بالأعشاب: الأستاذ محمد السيد - عام 2017م تاريخ الطب وأدابه وأعلامه: الدكتور أحمد شوكت الطشي - القاهرة]