من وحي الإسلام:تاريخ التداوي بالأعشاب ومميزاته (4)

  • 3/30/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

* رابعًا: التداوي بالأعشاب في الهند القديمة جاءت أغلب طرق التداوي بالأعشاب والنباتات في كتابهم المعروف «ايورفيدي (AYURVEDA)» أو ايورفيد الذي دون أسلوبه باللغة السنسكريتية الهندية القديمة منذ أكثر من أربعة آلاف سنة ويطلقون عليه (علم الحياة أو ثقافة الحياة) وكتاب ايورفيدي يصف الكثير من الأعشاب وخواصها الشافية. ومن الأعشاب التي جاء ذكرها في الكتاب الصبر والمر والكركم والزنجبيل وزيت الخروع إلى جانب البورق والكمون والقرفة وبعض الزيوت وغيرها من الشحوم الحيوانية أو أجزاء من لحومها. وكان التداوي بالأعشاب عند الهنود قديمًا ممزوجًا بالخرافات والأساطير والشعوذة، ولكنهم تميزوا عن غيرهم من الأمم بفن التشريح، ومن هنا اشتهروا بالجراحة النوعية، وكانوا يعتقدون أن العلل جميعها تولد مع الإنسان وتظهر إما عن الذنب الذي ارتكبه المريض أو عن فساد الأخلاط عنده. 1- وهناك بعض الإشارات التي تفيد بأن الهنود استعملوا التلقيح ضد الجدري، ومارسوا عمليات التجميل وترقيع الجلد والتوليد عن طريق شق البطن وهو ما يطلق عليها (العملية القيصرية) وهناك رتق الفتوق واستخراج الحصوات عن طريق الإحليل، والمثانة، وقدح العين وبتر الأعضاء في حال تفاقم العلل وتحضير السموم، ومضاداتها ضمن «منظومة من تعاليم الطب التقليدي». 2- واستخدموا لتوقيف نزيف الدم في العمليات الجراحية الضغط والدهون الحارة واستخدموا الكي لنفس الغرض وكان لديهم من الأدوات الجراحية ما يزيد على مائة آلة أو جهاز العلاج والجراحة. 3- مع كل تقدم في مهنة التطبيب وما تقدم من علوم ومعارف الهنود في ميدان الطب البشري، فلم تكن ممارستهم بأي حال خالية من اللمسات الخيالية والشعوذة، وحب الإنسانية. 4- وتذكر مدونات الطب الهندي القديم وتبدأ بكتاب (ايورفيدا) حيث تجد في هذا الكتاب قائمة بأمراض مقرونة بأعراضها، لكنك تجدها محاطة بكثير من السحر والتغريم فقد نشأ طبهم ذيلاً للسحر فالقائم بالعلاج كان يدرس، ويستخدم وسائل جثمانية لشفاء المريض، وعلى أساس أن هذه تساعد على نجاح ما يكتبه من صيغ روحانية. 5- وأخذ الطب على مر الزمن يزيد اعتماده على الوسائل الدنيوية إلى جوار التعاويذ السحرية والتي قد تكون فعلية من الوجهة النفسية وتشجيعًا للمريض وفي ذيل كتاب (ايورفيدا) ملحق يدعي (أجوانجيدا) ومعناها «علم إطالة العمر» وعدم التعجيل بالهلاك. 6- ويذهب الطب بالأعشاب إلى أن المرض يسببه أحد عناصر اضطرابات الأسباب الأربعة بحسب تصورهم هي (الهواء والماء والبلغم والدم) وطرق العلاج هي الأعشاب والتمائم السحرية ولا يزال العلاج مأخوذًا من كتاب (رج فيدا) نحو ألف اسم من الأعشاب وهو يحبذ الماء لخير العلاج وشفائه. * أعظم أسماء العلاج الهندي: ويقال إن أعظم اسمين في الطب الهندي القديم هما (سوشروتا) في القرن الخامس قبل الميلاد وكذلك (شاراكا) في القرن الثاني بعد الميلاد، فقد كتب (سوشوروتا) أستاذ الطب في جامعة بنارس(BENARISS) باللغة السنسكريتية مجموعة من أوصاف الأمراض وطرق علاجها وكان قد ورث العلم بها من معلمة «ذانوانتاريا» وبحث في الكتابة بإطناب في الجراحة والتوليد والطعام الصحي والاستحمام والعقاقير وتغذية الأطفال الرضع وعنايتهم وتربيتهم. أما العالم شاراكا فقد أنشأ مدونة (سامهيتا) ومعناها موسوعة تشمل علم الطب، ولا تزال مأخوذا بها في الهند، وبث أتباعه فكرة عن مهنتهم تقترب من فكرة العالم «أبو قراط» اليوناني وهي: « ينبغي ألا تعالجوا مرضاكم ابتغاء منفعة لأنفسكم، ولا إشباعا لشهوة ما من شهوات الكسب الدنيوي، بل عالجوهم من أجل غاية واحدة هي من أجل التخفيف عن الإنسانية المعذبة». * ملاحظة لا بد من ذكرها: وإجمالاً فإن الطب الهندي القديم قد احتوى على بعض الخزعبلات أقل بكثير من الطب المصري والطب البابلي. كما قام الهنود الأطباء بعمليات جراحية تدل على مستوى رقي طبهم لذا نجد أن العرب المسلمين قاموا بترجمة نتاجهم الفكري الطبي في ميدان الترجمة والتأليف في زمن وعهد الخليفة أبي جعفر المنصور العباسي في بغداد (136 – 158 هـ). * خامسًا: طب الأعشاب عند اليونانيين القدامى بلغ التداوي وطب الأعشاب عند اليونانيين القدامى شأوا كبيرًا إلا أن معظم علومهم ومعارفهم عن المعالجة اكتسبوها من مصر الفرعونية، وكانوا يرمزون للطب بإله يدعى في زعمهم اصطلاحًا (اسكولاب) وكان اسكولاب كما ظهر من التماثيل التي وجدت له رجلاً في عنفوان شبابه ممتلئا صحة وقابضًا بيديه على عصا يلتف حولها ثعبان حتى إن هذا الرمز يمثل الصيدلة حتى اليوم. أما أكثر الأعشاب التي كانوا يعالجون بها فإنها أصلاً من النباتات التي يجمعها جامعو الجذور، وكانوا ملتزمين بقواعد خاصة لاقتلاعها من الأرض مثل بعضها تجمع في الظلام الدامس أو أول الشهر القمري، أو آخره. أو يرددون تعاويذ خاصة عند جمعه وتؤكد الوثائق التاريخية أن العالم أبو قراط قد قسم العقاقير والأعشاب إلى أقسام بعضها من الظاهر مثل المراهم والزيوت وبعضها الأعشاب المغلية مع العسل أو على صورة حبوب وبذور منها قطرات العين حتى إن أبو قراط كان يستعمل مقدار 230 عقارًا من الأعشاب والنباتات البرية من أجل التداوي. * مميزات خاصة بطب الأعشاب: 1- لا شك أن اليونانيين أخذوا الكثير من معارفهم عن قدماء المصريين والبابليين واهتم أطباء اليونان بنتاج الأمم السابقة عليهم والمجاورين لهم ودرسوا في أعمالهم في مجال الطب عن كثب وزادوا على طب الحضارات الأخرى. 2- إن العقلية اليونانية تميزت بأنها عقلية منطقية نشطة لذا صار لهم شأن عظيم في ميدان علم التطبيب، ويكفي الحضارة اليونانية فخرًا أنها أنجبت العالم أبو قراط (ابقراط) الذي عاش في الفترة (460 – 357) قبل الميلاد على الأرجح وهو من عمالقة الطب الإنساني. 3- انتهج أهل اليونان طريقتين لمعالجة المرضى بالكهانة والسحر، وكان سدنة التطبيب يتوارثون المهنة، ويضعون بها عن عامة الناس وينسبون الأمراض لأعمال الشياطين والعلاج يعتبرونه من أعمال الآلهة وفريق اشتغل بالطب ومن فرع الطب الطبيعي. 4- اهتموا في علاجهم بالتشخيص الوصفي وكان الأطباء يقادون اتجاه الفلاسفة ومستقلون في مهنتهم، ويعتبر أبو قراط هو أول من بوب الطب ورتبه على أسس صحيحة وسمي أبو الطب. 5- ويذكر العالم الدومييلي في كتابه (العلم عند العرب وأثره في تطور العلم العالمي) أن الطب اليوناني وصل إلى درجة تدعو إلى الدهشة ورفعوا الطب إلى المستوى الملحوظ عن طب الأمم السابقة لهم، بيد أن الطب اليوناني يقف في خطوات نموه عند المبادئ العامة للتشخيص والتنبؤ بالآراء الموجهة. 6- وصل الطب عند اليونان في الجراحة وعظمت ثروته بالابتكارات العلمية الخاصة كالتشريح وعلم وظائف الأعضاء الذي يمثل أساس التفكير الطبي الصحيح. (الهوامش: تشريع وآداب الصيدلة: الأستاذ محمد زهير البابا، قصة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية: الأستاذ الدكتور راغب السرجاني مارس 2013 م، كل شيء عن طريق الأعشاب: الأستاذ شاركغرد موقع طب ويب عام 2016م، أبحاث عن طب الأعشاب: الأستاذ محمد السيد عام 2017م، التداوي بالأعشاب قديمًا وحديثًا: موقع المعرفة كتاب العلم عند العرب تأليف الدومييلي ترجمة عبدالحليم النجار ود. محمد يوسف موسى طبعة 1962 دار العلم.).

مشاركة :