أعلنت شركة «نوكيا» الفنلندية لصناعة معدات الاتصالات، أنّها لا تخطط للقيام بأي أنشطة جديدة في إيران خلال العام الجاري، في تأثيرات جديدة تحاصر طهران جرّاء العقوبات المفروضة عليها. ونقلت وكالة «رويترز» عن الشركة قولها في تقريرها السنوي، إنّها تواجه صعوبات في التعامل مع سياسات تجارية أمريكية وأوروبية متعارضة، مضيفةً: «اختلاف الإطار التنظيمي لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يتعلق بأنشطة الأعمال في إيران سيكون أكثر تعقيدًا إلى حد كبير في المستقبل». وأضافت: «كشركة أوروبية فإنَّه سيكون من الصعب جدًا التوفيق بين أنظمة السياسة الخارجية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (..) بالرغم من أنَّنا نجري تقييمًا لأنشطة أعمالنا على أساس مستمر، فإنَّنا لا نعتزم حاليًّا قبول أي أنشطة جديدة بإيران في 2019، وننوي فقط إتمام الالتزامات التعاقدية القائمة في إيران بما يتماشى مع العقوبات الاقتصادية السارية والقوانين الأخرى المرتبطة بالتجارة». وتعيش إيران أزمة اقتصادية حادة جرّاء العقوبات المفروضة عليها، جرّاء سياساتها التي تزعزع الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما قاد إلى خسائر مروعة لشركات محلية وأجنبية أوصلتها إلى حد الإغلاق وهروب المستثمرين. وأظهرت عشرات من المقابلات، سبق أن أجرتها وكالة «رويترز» مع مالكي الشركات في أنحاء إيران، أنَّ مئات الشركات علقت الإنتاج وسرحت آلاف العمال، نظرًا لمناخ أعمال غير مواتٍ يرجع بشكل رئيسي إلى العقوبات الأمريكية. ورغم أنّ شركات كبيرة كانت تحقّق إيرادات جيدة في إيران، فإنّ تضييق الخناق على طهران بالعقوبات الأمريكية العام الماضي عقب انسحابها من الاتفاق النووي قاد إلى وقف استثمارات هذه الشركات. إحدى هذه الجهات هي شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال» التي أعلنت منتصف العام الماضي، أنَّها ستنسحب من صفقة بقيمة مليار دولار كانت قد توصَّلت إليها مع إيران بالاشتراك مع شركة النفط الصينية إذا لم تحصل على إعفاء أمريكي. وانطبق الأمر ذاته على شركة صناعة السيارات الفرنسية «بيجو» التي قالت إنَّها هي الأخرى ستنسحب ما لم تحصل على إعفاء أمريكي، رغم أنّ مبيعاتها من السيارات في إيران بلغت نحو 44 ألف سيارة، وكانت قد توصَّلت لاتفاق مع شركة صناعة السيارات الإيرانية «خوردو»؛ لإنتاج سيارات ستروين في إيران. كما قررت الشركات الأمريكية «هونيويل» و«دوفر دوف» و«جنرال إلكتريك» و«بوينج» إلغاء اتفاقياتها مع طهران رغم الأرباح الطائلة المتوقعة لها، ومن بينها عقد لبيع طائرات ركاب مدنية لشركات طيران إيرانية بقيمة 20 مليار دولار. أيضًا، قرر عملاق الشحن البحري العالمي، شركة «ميرسك»، الالتزام بالعقوبات الاقتصادية، وأعلنت أنَّها لن تقوم بنقل أي شحنات نفط إيراني أخرى. ورغم أنّ «لوك أويل» شركة روسية، فإنَّها قررت عدم الدخول في أي شركة من أي نوع للقيام بأعمال تطوير حقول النفط الإيرانية، وهو ما ينطبق أيضًا على الشركة الهندية «ريلاينس» التي تمتلك أكبر مجمع لتكرير النفط في العالم، التي أعلنت أنها لن تقبل واردات النفط الخام من إيران وتوقفها عن استيراده في أكتوبر أو نوفمبر المقبل، بحسب شبكة «سكاي نيوز». وانضمت «سيمنز»، وهي شركة متنوعة الاختصاصات (صحة، صناعة، طاقة، اتصالات متنقلة)، إلى موكب المقاطعة، وقالت إنّها لن تقبل أي طلبيات جديدة من إيران، وستعمل على تقليل مصالحها التجارية هناك. وتعيش إيران أزمة اقتصادية حادة، تصفها تقارير دولية بأنّها بلغت مرحلة «الاحتضار»، مع شح العملة الصعبة وتراجع سعر الريال الإيراني بمعدل الثلث أمام الدولار الأمريكي، فضلًا عن اتخاذ الحكومة عدة قرارات وُصِفت بـ«المتشنجة» في مسعى للسيطرة لكن دون جدوى. وأمس الخميس، اعترف المرشد علي خامنئي، بأنَّ الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها بلاده، تمثل المشكلة الأساسية الأكثر إلحاحًا هناك، وقال في رسالة بمناسبة بدء السنة الفارسية الجديدة: «المشكلات المعيشية للمواطنين تزايدت، خاصة خلال الأشهر الأخيرة (..) الأولوية العاجلة والقضية الجادة للبلاد هي قضية الاقتصاد». وأقرّ خامنئي كذلك بتراجع قيمة العملة المحلية والقدرة الشرائية للمواطنين وتراجع الإنتاج، وقال: «مفتاح حل كل تلك المشكلات يكمن في تنمية الإنتاج الوطني». وفشلت حكومة الرئيس حسن روحاني في الوصول بمعدلات النمو الاقتصادي إلى أكثر من 1%، إضافةً إلى توالي انسحاب مستثمرين أجانب وشركات كبرى وصغرى في قطاعي السيارات والطاقة من الأسواق المحلية لانعدام الجدوى الاقتصادية.
مشاركة :