الموصل - (أ ف ب): خرج المئات من أهالي الموصل أمس الجمعة في تظاهرات منددين بالفساد، ومطالبين باستقالة المسؤولين عن غرق العبارة الذي أدى الى مقتل مائة شخص أغلبهم من النساء والأطفال. وعاد أبو سالم الجمعة الى ضفة نهر دجلة الذي اختطف منه زوجته وطفليه الذين قضوا جراء غرق العبارة يوم الخميس، عندما كانوا وآخرين في طريقهم الى مجمع سياحي للاحتفال بعيد نوروز وعيد الأم. ويقول هذا الرجل الخمسيني إن «المسؤولين في المجمع السياحي مجرمون»، مضيفا بصوت عال «سنتظاهر ونعتصم حتى نأخذ حقنا». ويرى هذا الرجل أنه «في حال تواصل تجاهل إجراءات الحد من خرق القانون في المرافق العامة ولم يتم وضع قواعد أمينة وصارمة ستقع حوادث أخرى لأن الفساد يتزايد هنا». ويأتي العراق في المرتبة 12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية. كما يأتي العراق في مقدمة الدول التي مزقتها الحروب وأحداث العنف على مدى عقود من الزمن، ما زاد من نسبة الحوادث الناتجة عن الإهمال، من بينها مأساة العبارة التي كان بالإمكان تفادي وقوعها. وخسر العراق جراء الفساد خلال الأعوام الـ15 الماضية 194 مليار يورو، تمثل ضعف الميزانية السنوية للبلاد تقريباً، وفقا لمجلس النواب العراقي. ويرى خبراء أن هذا الوضع المزري أدى الى نقص كبير في البنى التحتية والمشاريع الصناعية والزراعية. لكن حادثا مثل غرق العبارة يدفع الى التساؤل عن أسباب وقوع حوادث مأساوية في منشآت تستقبل مدنيين وتدار من قبل القطاع الخاص. وترى الشابة من الموصل شيماء محمود (25 عاما) أنه لمنع وقوع هذه الحوادث «يجب تغيير المسؤولين في المحافظة ومحاسبتهم على الفور». في غضون ذلك، تعالت هتافات وصيحات لذوي الضحايا من حولها، بينها «أخرج» و«استقالة» في إشارة الى موكب محافظ نينوى الذي تعرض لهجوم من قبل بعض المتظاهرين. وفقدت شيماء ابن عمها وصديقتها بين الضحايا الذين وصل عددهم الى مائة شخص جراء غرق العبارة وانقلابها رأساً على عقب وهي تحمل عشرات الاشخاص. وأضافت هذه الشابة «يجب ان يدفع هؤلاء المسؤولون ثمن الإهمال والتقصير تجاه المحافظة»، التي استعادتها القوات الأمنية قبل أقل من عامين من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ومازالت اغلب مناطقها مدمرة. وترى ان الموصل تعاني من «الفساد الذي وصل الى حد استخدام عبارة لا تتوافر فيها شروط السلامة أو أطواق نجاة». ويقول قصي عباس النائب في البرلمان عن محافظة نينوى، بصفته أحد المسؤولين في المحافظة، متحدثا لفرانس برس «لقد سبق أن أشرنا الى الفساد الاداري المستشري». وأضاف «نوجه أصابع الاتهام بالتقصير الى إدارة الجزيرة (مجمع) السياحية». وكان القضاء قد أصدر أوامر اعتقال بحق أصحاب العبارة وعدد من المسؤولين عن المجمع السياحي. وتأتي هذه الخطوة، لمنع هروب مسؤولين عن الحادث، كما حدث خلال السنوات الماضية، عندما وجهت ضدهم تهم فساد لكنهم فروا من البلاد قبل أن يضطروا للرد على تلك التهم. بدوره، يرى رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي وصل صباح الجمعة الى موقع الحادث «الفساد وسوء الادارة» مسؤولان عن وقوع الحادث. وفي السياق نفسه قال المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء، على لسان ممثله أحمد الصافي، إن «هذه الحادثة المؤلمة تشير الى خلل كبير في النظام الإداري للدولة وهو عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها وهذا جزء من الفساد المستشري».
مشاركة :