كثير من قرائي الطيّبون يتهمني بأنني كاتبة مزاجية لأني أتغيب كثيرًا بل إن بعضهم يتهمني بأكثر من هذا وهو أني منفصلة عن الواقع!! يا صديقي ومن الذي يريد الواقع بالله عليك.. ولمصلحة من الكتابة عنه سأسألك أنت.. ما الفائدة التي سأجنيها وأنا أخبرك بأن ملايين اللاجئين العرب بين سوري وعراقي وليبي خارج أراضيهم وعشرة أضعاف هذا الرقم من العرب تحت خط الفقر ومع كل عنوان نحو الحرية.. أمريكا تقضم أرضًا عربية جديدة! كم عدد الأبحاث التي كتبناها عن تحرير المرأة هل تعرف كم ازداد عدد النساء العربيات الأميات فقط في السنوات العشر الأخيرة.. بل تستطيع أن تقول إنهن أكثر من استوعب سوق التجارة العالمي لنخاسة النساء فتقبلنه كأنه مكافأة لهن! هل بوسعك أن تحصي كم خبرًا عاجلاً أسودَ يوميًا تنقله الفضائيات؟ فيما كان آخر خبر عاجل تعرفه ألمانيا على سبيل المثال هو انتحار هتلر صحيح أن لدى الكاتب العربي أكبر مولّدة أفكار في العالم ولكنه يبقى محظوظًا إن استطاع أن ينهي مقالته بغير أن تطاله قذيفة خبر عاجل جديد تلغي القديم الأفكار في كل مكان وعند كل منعطف وأمام كل منشأة حكومية وإن شئت خلف كل حاوية قمامة فقط على الكاتب العربي أن يغرف ما يشاء وهنا يبدأ دور المقدرة فالبعض ما زال يفضل دور المسحراتي في بلاد الشام الذي يقرع الطبول ليوقظ الغافلين.. والبعض يكتفي بما تعرضه الشاشات ليستقي خبرًا لينثر حوله الهوامش ويختمه بعنوان مثير وفريق ثالث يجهد نفسه قليلاً ليجمع إحصائيات كاذبة ليصنع منها مدخلاً لما يسمونه أبحاث سرعان ما تجد لها مكانًا هناك حيث ينتظرها الغبار بشوق أما أنا فمن الفريق الرابع فريق اختار البيات الشتوي ليستمر بالحلم أن الربيع سيكون موجودًا حين يستيقظ.. لأني متأكدة تمامًا أن أقدامنا لن تقع واقعًا جديدًا قبل أن نرسمه في مخيلتنا يا صديقي.. إن الكاتب من وجهة نظري الذي يغرقك بالواقع دون أن يؤسس لك مساحة لتحلم بها قد حكم عليك بالفناء! وبالأمانة لا أرى حاليًا بالأفق بارقة حتى للحلم! من أجل هذا كله.. لا بأس إن اعتبرتني منفصلة عن الواقع! ***** قبل الوداع تجاوزت اليوم حدود الثرثرة المسموح بها للمقال ولكن هذا شأن من يريد أن يرحل وهو ممتلئ.. بالحضور! albatuol21@hotmail.com
مشاركة :