أحلام في عصر التكتلات! | حسن ناصرالظاهري

  • 3/6/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

في حديثه الخاص مع قناة العربية، طرح الرئيس عبدالفتاح السيسي فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة، تساهم في تحقيق الأمن والسلام في ربوع الوطن العربي، وهو طرح جميل، إلاّ أن المناخ غير مناسب لتشكيل هذه القوة، فالعالم العربي يمر بأسوأ حالة تمزق واضطراب سجلها التاريخ، بالإضافة إلى أن التجارب الماضية لتشكيل اتحادات عربية موحدة أثبتت فشلها، فباستثناء اتحاد "دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي" المترابط جغرافيًّا، والموحد سياسيًّا، فإن الاتحادات العربية الأخرى لم يُكتب لها النجاح، ذلك لأنها نشأت دون الاهتمام بصياغة العلاقات المفصلية التي يجب أن تربط بين تلك التجمعات، حرصًا على وحدة الهدف السياسي والاقتصادي العربي. "فالاتحاد المغاربي" الذي نشأ عام 1989 والمكون من المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا، واجه مصاعب عدة حدّت من اندفاعه، وذلك بسبب صعوبة التوفيق بين الرغبة في تكامل اقتصادي بين دوله؛ وبين تباين مواقف أنظمة الحكم فيها من الديمقراطية وحقوق الإنسان، إضافة إلى قضية الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، والتي أجهضت قيام الاتحاد وسارعت في دفنه للأبد. أمّا اتحاد "مجلس التعاون العربي" والذي يضم كلاً من: مصر والعراق واليمن والأردن، والذي تم تأسيسه قي بغداد بعد حرب الخليج الأولى، فقد حالفه الفشل هو الآخر، ولم يدم سوى عدة أشهر، ذلك لأنّ كل دولة منها كانت تعتمد بشكل أو بآخر على عناصر الحقن الخارجي والأموال القادمة إمّا عن طريق تحويلات العاملين بالخارج، أو عن طريق المنح والمعونات العربية، إضافة إلى أنها متباعدة جغرافيًّا، الأمر الذي جعلها تواجه عدة عقبات، كان من أهمها حركة التجارة والقيود الجمركية، وجاء غزو العراق للكويت ليضع نهاية لهذا الحلف. هذه المجالس، أو لنقل، هذه الاتحادات، لم تستفد من التجارب الوحدوية الأخرى في العالم، ولنا في تجربة الاتحاد الأوروبي خير مثال، فرغم الاختلافات العرقية والدينية، استطاعوا تجاوز كل المعوقات، ونجحوا في تحقيق الوحدة المنشودة. وعليه فإن دعوة الرئيس السيسي لإنشاء قوة عربية مشتركة، هي دعوة صادقة تنشد القوة والعزة للعرب، وتباركها كل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، لكنها مستحيلة وسط هذا التمزق وانشغال العديد من الدول العربية في معارك في داخل أراضيها، كاليمن، وليبيا، وسوريا، ولبنان، والتي لا يعرف تاريخ لنهاياتها، لكن ما هو متاح الآن، هو التحالفات الثنائية ذات الجدوى بين قطبين فاعلين يمتلكان القوة الاقتصادية والقوة العسكرية، ورؤية سياسية موحدة تجاه الأحداث الجارية في العالم. hnalharby@gmail.com

مشاركة :